فقال عمر : هيهات لا يجتمع اثنان في قرن ... لا ترضى العرب أن يؤمّروكم ونبيّها من غيركم.
وهدّد أحدهما الآخر بالقتل.
فقالت الأنصار أو بعض الأنصار : لا نبايع إلّا عليّا. فتخوّف عمر من الاختلاف وقال لأبي بكر : ابسط يدك أبايعك. وسبقه بشير بن سعد وبايع ، فناداه الحباب بن المنذر : عققت عقاق أنفست على ابن عمّك الإمارة!؟
وبايع عمر وأبو عبيدة ، وقالت الأوس : لئن وليتها الخزرج مرّة لا زالت لهم الفضيلة عليكم وما جعلوا لكم فيها نصيبا ، فبايعوا أبا بكر ، فانكسر على سعد بن عبادة والخزرج وكادوا يطئون سعد بن عبادة ، فقال أصحابه : اتّقوا سعدا لا تطئوه.
فقال عمر : اقتلوه قتله الله.
ثمّ قام على رأسه فقال : لقد هممت أن أطأك حتّى تندر (٢) عضوك. فأخذ قيس بن سعد بلحية عمر فقال : والله لو حصصت منه شعرة ما رجعت وفي فيك واضحة.
فقال أبو بكر : مهلا يا عمر ، الرفق هاهنا أبلغ. فأعرض عنه عمر.
فحمل سعد إلى بيته.
وأخرج أبو بكر من السقيفة ، وجاءت قبيلة أسلم فبايعت ، فانتصر بهم أبو بكر ، وأقبلت الجماعة تزفّه إلى مسجد رسول الله (ص). فصعد المنبر ، وشغلوا عن دفن رسول الله حتّى كان يوم الثلاثاء ، فجاءوا إلى المسجد ثانية فجلس أبو بكر على منبر رسول الله ووقف عمر وقال : إنّ قوله بالأمس لم يكن من كتاب الله ولا عهدا من رسوله ، ولكنّه كان يرى أنّ الرسول (ص) سيدبّر أمرهم ويكون آخرهم ، وإن الله أبقى فيهم القرآن يهتدون به ، وقد جمع
__________________
(٢) تندر عضوك : حتّى تسقط أعضاؤك.