ومن آمن بصحّة الأحاديث المذكورة آنفا ، تتكوّن له رؤية تناقض محتوى الأحاديث الّتي أشرنا إليها فيما خصّ الله به خاتم أنبيائه (ص) وميّزه من سائر الناس بفضائل حمّة ، وحقّ للرجل (ذي المعرفة) من السعوديّين إذن أن يقول : «محمد رجالا مثلي ، مات».
أضف إلى هذه الأحاديث الّتي كوّنت رؤية تناقض تلك الفضائل ، ما فعله الخليفة الصحابيّ عمر بن الخطاب واجتهاده في قطعه الشجرة الّتي بويع تحتها رسول الله (ص) (٣٢). وتفصيل الخبر في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٥٩.
وينقض جميع الأحاديث الّتي تنقص من منزلة رسول الله (ص) ما أخبر عنه الإمام عليّ (ع) عن رسول الله (ص) في خطبته القاصعة ، حيث قال :
ولقد قرن الله به ـ صلىاللهعليهوآله ـ من لدن أن كان فطيما ، أعظم ملك من ملائكته ، يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره. ولقد كنت أتّبعه اتّباع الفصيل أثر أمّه ، يرفع لي في كلّ يوم من أخلاقه علما ويأمرني بالاقتداء به. ولقد كان يجاور في كلّ سنة بحراء ، فأراه ولا يراه غيري ، ولم يجمع يومئذ في الإسلام غير رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ وخديجة ، وأنا ثالثهما ؛ أرى نور الوحي والرسالة ، وأشمّ ريح النبوة. ولقد سمعت رنّة الشّيطان حين نزل الوحي عليه ـ صلىاللهعليهوآله ـ فقلت : يا رسول الله ما هذه الرنّة؟ قال : هذا الشيطان أيس من عبادته (٣٣).
ولست أدري كيف لم يكن الرسول (ص) يعرف نفسه كما ورد ذلك في
__________________
(٣٢) شفاء الصدور ص ٢٧ ، وهي شجرة بيعة الرضوان في صلح الحديبية.
(٣٣) نهج البلاغة ، شرح محمد عبده ، الخطبة رقم : ١٩٢.