وكذلك لم يترك أمّته هملا أبد الدهر ، وفعل (ص) كما فعل الرسل من قبله في تعيينهم الأوصياء من بعدهم وإخبارهم أممهم بذلك ، وعيّن وصيّه ووليّ الأمر من بعده في أماكن مختلفة وأزمنة متعددة بأقوال تواترت عنه مثل قوله (ص) لسلمان عند ما سأله عن وصيّه من بعده :
«إنّ وصيّي وموضع سرّي .... عليّ بن أبي طالب (ع)» إلى غير هذا من أحاديث النبيّ (ص) التي نصّ فيها (ص) على أنّ عليّا وليّ الأمر من بعده ، ولذلك اشتهر الإمام عليّ بلقب الوصيّ مدى القرون ، وورد ذكره في أشعار الشعراء وأقوال الخطباء واحتجاجات المناظرين صحابة وتابعين وعلماء وخلفاء وأمراء ، كما مرّ بنا أمثلة منها.
ولمّا كان اشتهار الإمام بأنّه وصيّ خاتم الأنبياء يخالف سياسة الخلفاء واتّجاه مدرستهم ، بالغوا جيلا بعد جيل في كتمان أحاديث الرسول (ص) الّتي نصّ فيها على أنّ عليّا (ع) وصيّه سواء كان التعيين بلفظ الوصيّ أو بألفاظ أخرى مثل الوليّ وأولي الأمر. وقد أوردنا عشرة أمثلة من أنواع كتمانهم في ما سبق مثل حذفهم بعض الحديث وتبديله بكلمة مبهمة ، كما فعلوا مع نصّ «وصيّي وخليفتي فيكم» الّذي ورد في سنّة الرسول (ص) فإنّهم حذفوه وأبدلوه بقولهم : (وكذا وكذا).
وتأويلهم بعض النصوص من سنّة الرسول في هذا الشأن.
ومثل نهيهم عن كتابة سنّة الرسول.
وقتلهم من خالفهم في ذلك مثل قتل النسائي أحد أصحاب الصحاح الستّة الّذي كتب (خصائص الإمام عليّ).
ولم يقتصر نهيهم عن نشر الحقائق بالنصوص الواردة في حقّ الأئمة الاثني عشر ، بل شمل النهي كلّما يخالف مصلحة السلطة الحاكمة ، فقد قال رسول الخليفة يزيد لعبد الله بن الزّبير ، عند ما خلع يزيد وقد اجتمعوا في بيت