عنه بقوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف / ٦.
كيف لا يعرف نفسه وأهل الكتاب كانوا (يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) البقرة / ١٤٦ ، والأنعام / ٢٠.
يعرفون (الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ) الأعراف / ١٥٧.
* * *
سيأتي في بحوث مصادر الشريعة الإسلاميّة من هذا الكتاب محاولات السّلطات الإسلامية رفع مقام الخلافة في أنظار المسلمين على مقام النبوّة ، ونذكر هنا منها مثالا واحدا من سيرة الحجّاج بن يوسف الثقفي والي الخليفة عبد الملك على العراق ، إذ خطب في الكوفة فذكر الّذين يزورون قبر رسول الله (ص) بالمدينة ، فقال :
تبّا لهم! إنّما يطوفون بأعواد ورمّة بالية! هلّا طافوا بقصر أمير المؤمنين عبد الملك! ألا يعلمون أنّ خليفة المرء خير من رسوله (٣٨). وسيأتي تفصيل ذلك في الجزء الثالث من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وإنّ الّذي نجده من اتّجاه بعض المسلمين في القرون المتأخرة من تهوين أمر الرسول (ص) إن هو إلّا نتيجة لتلك المحاولات مدى القرون ، سواء في ما رووا من روايات تحطّ من قدر رسول الله (ص) ، أم ما أوّلوا من آيات القرآن وغير ذلك ممّا فعلوا في توجيه المسلمين إلى ما أرادوا. ومنها ما رأوا في الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول (ص) ، كما سنذكره في ما يأتي.
__________________
(٣٨) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٥ / ٢٤٢. وراجع الكامل للمبرد ط. النهضة بمصر ، ص ٢٢٢.