مناسك الحجّ للنّاس كما ذكرناه سابقا.
إذا ، فإنّ أعمال الحجّ كلّها تبرّك بتلك الأزمنة والأمكنة الّتي حلّ بها عباد الله الصّالحون أولئك ، وكلّها احتفال بذكرهم أبد الدهر.
وفي ما يأتي نضرب مثالا لانتشار الشؤم ـ أيضا ـ إلى المكان من المكين.
انتشار الشؤم إلى المكان من المكين
روى مسلم أنّ رسول الله (ص) عام تبوك نزل بالناس الحجر عند بيوت ثمود ، فاستسقى الناس من الآبار الّتي كان يشرب منها ثمود ، فعجنوا منها ونصبوا القدور باللّحم. فأمرهم رسول الله (ص) فأهرقوا القدور وعلفوا العجين الإبل. ثمّ ارتحل بهم حتى نزل بهم على البئر الّتي كانت تشرب منها الناقة ونهاهم أن يدخلوا على القوم الّذين عذّبوا ، قال : إنّي أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم ، فلا تدخلوا عليهم (٥).
وفي لفظ مسلم : ولا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم إلّا أن تكونوا باكين ، حذرا أن يصيبكم مثل ما أصابهم. ثمّ زجر وأسرع حتّى خلفها.
وفي لفظ البخاري : ثمّ قنع رأسه وأسرع السّير حتّى أجاز الوادي.
وفي رواية أخرى بمسند أحمد : وتقنّع بردائه وهو على الرحل (٦).
منشأ الشؤم والبركة في المكان
من أين نشأ شؤم بلاد ثمود وآبار ثمود وانتشر منها إلى غيرها عدا أنه نشأ من قوم ثمود ، وانتشر منهم إلى بلادهم وآبارهم ، وبقي فيها إلى عصر
__________________
(٥) أورده مسلم باختصار في صحيحه ، كتاب الزهد والرقائق ، باب لا تدخلوا مساكن الّذين ظلموا أنفسهم ... ح ٤٠ ، واللفظ لمسند أحمد ٢ / ١١٧. وصحيح البخاري ، كتاب المغازي باب نزول النبيّ (ص) الحجر. والطبري في خبر ثمود ، ط. أوربا ١ / ٢٥٠.
(٦) مسند أحمد ٢ / ٦٦.