يكتب أحد أنّ اليهود اتّخذوهما وحدثنا. وعلى فرض أن قبرا اتّخذ وحدثنا ، فإنه لا يصدق على احترام القبر وزيارة القبر ، فإنّ اتّخاذه وحدثنا يعني أن يستقبل القبر كما تستقبل الكعبة في الصّلوات. فأين هذا من ذاك؟
* * *
ليس مورد الشك في كلّ ما ذكرناه ، وما سنذكره بعد هذا ، أحاديث رسول الله (ص) ـ معاذ الله ـ وإنّما البحث يجري حول رواة الأحاديث الّذين لم يعصمهم الله من الخطأ والسهو والنسيان.
كان ما ذكرناه أمثلة من أدلّة من رأى البناء على القبور مخالفا للشّريعة الإسلاميّة.
وفي ما يأتي أدلّة من رأى ذلك موافقا لها.
أدلّة من رأى جواز اتّخاذ مقابر الأنبياء محلّا للعبادة
يستدلّ من يرى صحّة اتّخاذ مقابر الأنبياء محلّا للعبادة بأنّ الطائفين حول الكعبة يطوفون حول حجر إسماعيل (ع) ويتمسّحون بجداره ، وفيه قبر إسماعيل (ع) وأمّه هاجر ، كما أجمع عليه علماء الأمّة الإسلامية :
فقد ورد في سيرة ابن هشام (ت : ٢١٨ ه) وتاريخ الطبري (ت : ٣١٠ ه) وابن الأثير (ت : ٦٣٠ ه) وابن كثير (ت : ٧٧٤ ه) واللفظ لابن هشام : ودفن ـ إسماعيل ـ في الحجر مع أمّه هاجر. وفي لفظ ابن الأثير : وأوصى إسماعيل أن يدفن عند قبر أمّه في الحجر (٥).
وروى ابن سعد في طبقاته وقال :
__________________
(٥) راجع ذكر خبر إسماعيل (ع) وولده في كلّ من سيرة ابن هشام ط. مصر ، سنة ١٣٥٥ ه ١ / ٦ وتاريخ الطبري ط. أوربا ١ / ٣٥٢. وتاريخ ابن الأثير ط. أوربا ١ / ٨٩. وتاريخ ابن كثير ١ / ١٩٣. ومادة : (حجر) من معجم البلدان.