إنّ إسماعيل لمّا بلغ عشرين سنة توفّيت أمّه هاجر وهي ابنة تسعين سنة ، فدفنها إسماعيل في الحجر. وإنّ إسماعيل توفّي بعد أبيه ، فدفن في الحجر ممّا يلي الكعبة مع أمّه هاجر.
وفي رواية بعدها :
قبر إسماعيل تحت الميزاب بين الركن والبيت (٦).
وفي الاكتفاء للكلاعي ما موجزه : دفن هاجر وإسماعيل وابنه نابت في الحجر (٧).
وقد وصف ابن جبير قبري إسماعيل وأمّه هاجر في رحلته وقال :
وتحت الميزاب في صحن الحجر ، بمقربة من جدار البيت الكريم ، قبر إسماعيل (ع) وعلامته رخامة خضراء مستطيلة قليلا شكل محراب تتّصل بها رخامة خضراء مستديرة ، وكلتاهما غريبة المنظر ، فيهما نكت تنفتح عن لونها إلى الصفرة قليلا كأنّها تجزيع ، وهي أشبه الأشياء بالنكت الّتي تبقى في البيدق من حلّ الذهب فيه. وإلى جانبه ممّا يلي الركن العراقي قبر أمّه هاجر رضي الله عنها ، وعلامته رخامة خضراء سعتها مقدار شبر ونصف. يتبرّك الناس بالصلاة في هذين الموضعين من الحجر ، وحقّ لهم ذلك لأنّهما من البيت العتيق ، وقد انطبقا على جسدين مقدّسين مكرّمين ، نوّرهما الله ، ونفع ببركتهما كلّ من صلّى عليهما. وبين القبرين المقدّسين سبعة أشبار (٨).
__________________
(٦) لخّصنا روايات ابن سعد الثلاث من طبقاته ١ / ٢٥ ، ط. أوربا.
(٧) الاكتفاء في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفاء ص : ١١٩ ، تصحيح هنري ماسة ، مطبعة جول كريونل ، الجزائر ، ١٩٣١ م.
والكلاعي هو أبو الربيع ، سليمان بن موسى بن سالم الحميري الكلاعي ، ولد سنة ٥٦٥ ه ، وتوفّي سنة ٦٣٤ ه. اعتمدنا ترجمته من مقدّمة الكتاب.
(٨) ابن جبير هو محمد بن أحمد بن جبير الكناني الأندلسي ، البلنسي الأصل ، الغرناطي الاستيطان. ولد ليلة السبت عاشر ربيع الأول سنة ٥٤٠ أو سنة ٥٣٩ ه ، وتوفي بالاسكندرية ـ