وأبكى من حوله ، وأمر بصنع الطّعام لأهل الميّت ، وعين حداد المرأة على غير الزوج ثلاثا.
إذن ، فالبكاء على المتوفّى والحداد عليه وصنع الطّعام لأهله ، من سنّة الرسول (ص) فما هو منشأ الخلاف والنهي عن البكاء على الميّت؟ نرجع أيضا إلى صحيحي البخاري ومسلم فنجد حديث المنع عن البكاء من الخليفة عمر (رض).
الخليفة عمر يروي أنّ رسول الله (ص) نهى عن البكاء ، وأمّ المؤمنين
عائشة تستدرك عليه.
في صحيح البخاري ومسلم ، عن ابن عبّاس :
لمّا أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي ويقول : وا أخاه! وا صاحباه! فقال عمر : يا صهيب ، أتبكي عليّ وقد قال رسول الله : «إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه»؟ فقال ابن عباس : فلمّا مات عمر ، ذكرت ذلك لعائشة فقالت : رحم الله عمر ، والله ما حدّث رسول الله (ص) : إنّ الله ليعذّب المؤمن ببكاء أهله عليه ، ولكن رسول الله (ص) قال : «إنّ الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه» ، وقالت : حسبكم القرآن : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى). قال ابن عبّاس (رض) عند ذلك : والله هو أضحك وأبكى (٨).
وفي صحيح مسلم : ذكر عند عائشة أنّ ابن عمر يرفع إلى النبيّ (ص) :
«إنّ الميّت يعذّب في قبره ببكاء أهله عليه» فقالت :
__________________
(٨) صحيح البخاري ، كتاب الجنائز ، باب قول النبي (ص) يعذب الميت ببكاء أهله عليه ، ١ / ١٥٥ ـ ١٥٦ ، وصحيح مسلم ، كتاب الجنائز ، باب الميت يعذب ببكاء أهله عليه ، ح ٢٢ ، ص ٦٤١.