يقصدون بدعاء غير الله أو مع الله أن يقول المسلم مثلا : (يا رسول الله) للتوسّل به إلى الله ، أو يدعو غيره من أولياء الله كذلك. وأدلّتهم كلّها تدور حول قوله تعالى : (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ) ونظائرها ممّا نهى الله عن الدّعاء مع الله أو غير الله.
ب ـ حكم غير الله
حكم غير الله مثله كمثل دعاء غير الله
وقال مخالفوهم : ما أشبه الليلة بالبارحة! وما أشبه هذا الاستدلال باستدلال الخوارج في تكفير من رضي بالتحكيم في صفّين بأمثال قوله تعالى :
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (٥) يوسف / ٦٧. وقوله :
(أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ) الأنعام / ١١٤.
وكان بداية ذلك في معركة صفّين ، عند ما أمر معاوية برفع كتاب الله على الرماح ودعوة جيش العراق إلى قبول حكم القرآن ، وانخداع أكثرية قراء جيش العراق بذلك ، وإجبارهم الإمام عليّا بترك القتال وقبول دعوة معاوية بالتحكيم ، ثمّ تعيين معاوية من قبله عمرو بن العاص حكما ، وإجبار جيش العراق الإمام عليّا على تعيين أبي موسى الأشعري حكما من قبله. فلمّا اجتمع الحكمان وخدع عمرو بن العاص أبا موسى وقال له : نخلع عليّا ومعاوية ونترك الأمر للناس ليختاروا لهم إماما. وسبق أبو موسى عمرا بالكلام وقال : أنا أخلع عليّا ومعاوية عن الأمر ليختار المسلمون لهم إماما. ثمّ خطب بعده ابن العاص وقال : إنّه خلع صاحبه كما رأيتم ، وأنا أنصب صاحبي للإمامة. فتنازعا وتسابّا وافترقا. بعد هذا أحسّ من قبل التحكيم من جيش العراق بخطئهم ونادوا بشعار : «لا حكم إلّا لله» وقالوا : إنّا كفرنا بقبولنا
__________________
(٥) نكرّر قولنا : بأننا لسنا بصدد إحصاء أدلّة الطرفين في البحث ، وإنّما نأتي بأمثلة منها.