التحكيم ، وتبنا إلى الله ، ويجب على الآخرين أن يعترفوا بالكفر ، ثمّ يتوبوا مثلنا ؛ ومن لم يفعل ، فأولئك هم الكافرون.
وهكذا كفّروا أوّلا من اشترك في تلك الحوادث من عائشة وعثمان وعليّ وطلحة والزبير ومعاوية وعمرو بن العاص ومن تبعهم ؛ ثمّ شمل حكمهم بالكفر عامّة المسلمين ، وسمّوا أنفسهم بالشّراة ، ووضعوا سيوفهم قرونا طويلة على عواتقهم يقتلون بها المسلمين ويقتلون (٦).
وصدق رسول الله (ص) حيث أخبر عن الخوارج وقال : يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، لئن أدركتهم لأقتلنّهم قتل عاد (٧). وفي أحاديث أخرى : لأقتلنّهم قتل ثمود (٨).
جواب مخالفيهم في المسألتين
يقول في جواب هؤلاء وأولئك مخالفوهم بأنّ القرآن يفسّر بعضه بعضا ، وإذا كان قد ورد في القرآن قوله تعالى : (إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فقد ورد فيه أيضا قوله تعالى :
(فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ
__________________
(٦) راجع أخبار يوم صفّين في تاريخ الطبري وابن الأثير وابن كثير ، ثمّ أخبار الخوارج فيها وفي غيرها من كتب التاريخ.
(٧) كان ذلك عند ما بعث ابن عمّ الرسول عليّ من اليمن بذهيبة إلى الرسول فقسّمها بين أربعة من المؤلفة قلوبهم ، فتغضبت قريش والأنصار ، فقالوا : يعطيه صناديد أهل نجد ويدعنا! قال : إنّما أتألّفهم. فأقبل رجل ... محلوق الرأس فقال : يا محمد ، اتق الله! فقال النبي (ص) : فمن يطيع الله إذا عصيته ، أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني!؟ فلمّا ولى ، قال النبي (ص) إنّ من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الاسلام ـ الحديث. صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ ...) ٤ / ١٨٨. وصحيح مسلم ، كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ح ١٤٣ ص ٧٤١.
(٨) صحيح مسلم ، كتاب الزكاة ، باب ذكر الخوارج وصفاتهم ، ح ١٤٣ و ١٤٤ و ١٤٥ و ١٤٦.