الكريم ، وحملت عليها آيات محكمات أخرى.
* * *
وهكذا انقسم المسلمون إلى فرق ومذاهب ، ومضت عليهم قرون طويلة كفّر خلالها المسلمون بعضهم بعضا ، وقتلت كلّ فرقة من خالفها في الرأي أحيانا ، وهدّمت ديارهم! فكيف يمكن توحيد كلمة المسلمين مع وجود هذه المفارقات ، ووجود مسائل الخلاف بينهم ممّا أوردنا أمثلة منها في ما سبق؟ لا ، لن يتمّ التقارب بين المسلمين هكذا ، ومع بقائهم على تقليد اجتهادات السّلف ، فلا بدّ للمسلمين من أن تبدي كلّ طائفة منهم ما لديها من رؤى للإسلام وتأويل للقرآن وحديث مرويّ واجتهادات للسّلف نشأ منها الخلاف ، على شرط أن يتمّ ذلك بأسلوب الدعوة إلى الحقّ والبحث العلميّ الرصين ، دون الرّكون إلى السباب والشتائم والافتراء انتصارا لرأيها وطائفتها ـ أعاذنا الله من ذلك ـ ثمّ الاستماع بتجرّد إلى ما لدى الطّوائف الأخرى كذلك ، والحقيقة بنت البحث.
والسّبيل الصّحيح للوصول إلى ذلك ، أن يبادر علماء المسلمين إلى تلك الدراسات بتجرّد علميّ بحت ، ثمّ تعرض نتائج تلك الدراسات على الأندية العلميّة الإسلاميّة الكبرى ، مثل الجامع الأزهر الشريف في القاهرة ، والجامعة الإسلاميّة في المدينة المنوّرة ، ورابطة العالم الإسلامي في مكّة المكرمة ، والجوامع الإسلاميّة الكبرى في النجف الأشرف وقم وخراسان والقيروان والزيتونة ، لبحثها وتمحيصها. ثمّ لتنشر بعد ذلك حكومات البلاد الإسلاميّة ما تتمخّض عنه دراسات تلك الجامعات بين المسلمين كافّة ليتسنّى لجميع المسلمين من أراد منهم أن يفهم رأي غيره تفهما واعيا لا لبس فيه ولا غموض ولا نبز ، وله بعد ذلك أن يتقبّل رأي غيره بقبول حسن ، أو يعذر أخاه المسلم في ما اتّخذ له من رأي. وهكذا يتيسّر للمسلمين أن يتفهّم بعضهم بعضا