الإله ليس على الحقيقة ولكن موهبة واتفاق الاسمين على طريق الكرامة. فبلغ ذلك بتاركة سائر البلاد فجرت بينهم مراسلات واتفقوا على تخطئته واجتمع منهم مائتا أسقف في مدينة أفسيس وأرسلوا إليه للمناظرة فامتنع ثلاث مرات فاجمعوا على لعنه فلعنوه ونفوه وبينوا أن مريم ولدت إلها وأن المسيح إله حق من إله حق وهو إنسان وله طبيعتان فلما لعنوا نسطورس تعصب له بترك أنطاكية فجمع الأساقفة فلم يزل الملك حتى الذين قدموا معه وناظرهم وقطعهم فتقاتلوا وتلاعنوا وجرى بينهم شر فتفاقم أمرهم ثم أصلح بينهم فكتب أولئك صحيفة أن مريم القديسة ولدت إلها وهو ربنا يسوع المسيح الذي هو مع الله في الطبيعة ومع الناس في الناسوت وأقروا بطبيعتين وبوجه واحد وأقنوم واحد وأنفذوا لعن نسطورس فلما لعنوه ونفي سار إلى مصر وأقام في أخميم سبع سنين ومات ودفن بها ، وماتت مقالته إلى أن أحياها ابن صرما مطران نصيبين وبثها في بلاد المشرق فأكثر نصارى المشرق والعراق نسطورية فانفض ذلك المجمع الرابع أيضا وقد اطبقوا على لعن نسطوري وأشياعه ومن قال بمقالته.
[المجمع الخامس]
ثم كان لهم بعد هذا المجمع «مجمع خامس» وذلك أنه كان بالقسطنطينية طبيب راهب يقال له أوطيسوس يقول : إن جسد المسيح ليس هو مع أجسادنا بالطبيعة ، وأن المسيح قبل التجسد من طبيعتين وبعد التجسد طبيعة واحدة ، وهو أول من أحدث هذه المقالة وهي «مقالة اليعقوبية» فرحل إليه بعض الأساقفة فناظره وقطعه ودحض حجته ، ثم صار إلى قسطنطينية فاخبر بتركها بالمناظرة وبانقطاعه فأرسل بترك القسطنطينية إليه فاستحضره وجمع جمعا عظيما وناظره ، فقال أوطيسوس ، : إن قلنا أن المسيح طبيعتين فقد قلنا بقول نسطورس ، ولكنا نقول إن المسيح طبيعة واحدة وأقنوم واحد ؛ لأنه من طبيعتين كانتا قبل التجسد ، فلما قبل التجسد زالت عنه وصار طبيعة واحدة واقنوما واحدا ، فقال به بترك القسطنطينية : إن كان المسيح طبيعة واحدة فالطبيعة القديمة هي الطبيعة المحدثة ، وإن كان القديم هو المحدث فالذي لم يزل هو الذي لم يكن ، ولو جاز أن يكون القديم هو المحدث لكان القائم هو القاعد والحار هو البارد ، فأبى