تعالى ومن أصدق من الله قيلا : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) [الفرقان : ٤٤] ، وهؤلاء هم الذين عناهم الله سبحانه بقوله : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ) [المائدة : ٧٧] ، ومن أمة الضلال بشهادة الله ورسوله عليهم ، وأمة اللعن بشهادتهم على نفوسهم بلعن بعضهم بعضا ، وقد لعنهم الله سبحانه على لسان رسوله في قوله صلىاللهعليهوسلم : «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما فعلوه» هذا والكتاب واحد ، والرب واحد ، والنبي واحد ، والدعوى واحدة ، وكلهم يتمسك بالمسيح وإنجيله وتلاميذه ثم يختلفون فيه هذا الاختلاف المتباين ، فمنهم من يقول إنه إله ، ومنهم من يقول ابن الله ، ومنهم من يقول ثالث ثلاثة ، ومنهم من يقول إنه عبد ، ومنهم من يقول إنه أقنوم وطبيعة ، ومنهم من يقول أقنومان وطبيعتان ، إلى غير ذلك من المقالات التي حكوها عن أسلافهم ، وكل منهم يكفر صاحبه. فلو أن قوما لم يعرفوا لهم إلها ثم عرض عليهم دين النصرانية هكذا لتوقفوا عنه وامتنعوا من قبوله. فوازن بين هذا وبين ما جاء به خاتم الأنبياء والرسل صلوات الله عليه وسلامه تعلم علما يضارع المحسوسات أو يزيد عليها : ان الدين عند الله الإسلام.
[يستحيل الإيمان بنبي من الأنبياء مع جحد نبوة محمد ..]
[معجزات محمد أعظم وأدل]
(فصل) في أنه لا يمكن الإيمان بنبي من الأنبياء أصلا مع جحود نبوة محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وأنه من جحد نبوته فهو لنبوة غيره من الأنبياء أشد جحدا. وهذا يتبين بوجوه :
(أحدها) أن الأنبياء المتقدمين بشروا بنبوته وأمروا أممهم بالإيمان به ، فمن جحد نبوته فقد كذب الأنبياء قبله فيما أخبروا به وخالفهم فيما أمروا وأوصوا به من الإيمان به ، والتصديق به لازم من لوازم التصديق بهم ، وإذا انتفى اللازم انتفى ملزومه قطعا وبيان الملازمة ما تقدم من الوجوه الكثيرة التي تفيد بمجموعها القطع على أنه صلىاللهعليهوسلم ، قد ذكر في الكتب الإلهية على ألسن الأنبياء ، وإذا ثبتت الملازمة فانتفاء اللازم موجوب لانتفاء ملزومه.