يقولون لم يظهر بعد ، وسيظهر ونتبعه. قال ابن اسحاق : حدثني محمد بن أبي محمد ، عن عكرمة وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قبل مبعثه ، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولونه فيه ، فقال معاذ بن جبل وبشر بن البراء بن معرور وداود بن سلمة : يا معشر يهود : اتقوا الله واسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ونحن أهل شرك ، وتخبرونا بأنه نبي مبعوث ، وتصفونه بصفته ، فقال سلام بن مسلم أخو بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكر لكم ، فانزل الله عزوجل : (وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) [البقرة : ٨٩] ، وقال أبو العالية : كان اليهود إذا استنصروا بمحمد على مشركي العرب يقولون : اللهم ابعث هذا النبي الذي نجده مكتوبا عندنا حتى يعذب المشركين ويقتلهم ، فلما بعث الله محمدا صلىاللهعليهوسلم ، رأوا أنه من غيرهم كفروا به حسدا للعرب وهم يعلمون انه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) [البقرة : ٨٩] ، وقال ابن اسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ، عن رجال من قومه ، قالوا : ومما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه ما كنا نسمع من رجال اليهود ، وكنا أهل شرك أصحاب أوثان وكانوا أهل كتاب عندهم علم ليس عندنا ، وكانت لا تزال بيننا وبينهم شرور ، فإذا نلنا منهم بعض ما يكرهون قالوا لنا قد تقارب زمان نبي يبعث الآن نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وإرم فكنا كثيرا ما نسمع ذلك منهم ، فلما بعث الله رسوله صلىاللهعليهوسلم أجبناه حين دعانا إلى الله ، وعرفنا ما كانوا يتوعدونا به ، فبادرناهم إليه فآمنا به وكفروا به ، ففينا وفيهم نزلت هذه الآيات التي في البقرة : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ) [البقرة : ٨٩].
(فصل الوجه الرابع والعشرون) قوله في كتاب شعيا : «أشكر حبيبي وابني أحمد» فلهذا جاء ذكره في نبوة شعيا أكثر من غيرها من النبوات ، وأعلن شعيا بذكره ووصفه ووصف أمته ، ونادى بها في نبوته سرا وجهرا لمعرفته بقدره ومنزلته