فبقي عبد المطلب زمانا ، فلما كان يوما رجع من قنصه في الظهيرة عطشان يلهث ، فرأى في الحجر ماء معينا فشرب «منه» (١) ثم دخل على فاطمة (٢) فواقعها ، فحملت بعبد الله ، وواقع عبد الله آمنة فحملت برسول الله.
[ثانيا : صفة حمله (ص) وذكر مولده]
فكانت آمنة تحدث عن نفسها وتقول : أتاني آت حين مرّ لي (٣) من حملي ستة أشهر فوكزني في المنام برجله ، وقال لي : يا آمنة إنك قد حملت بخير العالمين ، فإذا ولدتيه فسميه محمدا واكتمي شأنك.
فكانت تقول : لقد أخذني ما يأخذ النساء ولم يعلم بي أحد من قومي ذكر ولا أنثى ، وإني لوحيدة في المنزل (٤).
قال (٥) : فبقي في بطن أمه صلىاللهعليهوآلهوسلم تسعة أشهر لا تشكو وجعا ولا ريحا ولا ما يعرض للنساء ذوات الحمل.
قالت آمنة : فسمعت وجبة عظيمة وأمرا شديدا ، فهالني ـ وذلك يوم الاثنين ـ فرأيت كأن جناح طير (٦) أبيض قد مسح على فؤادي ، فذهب عني الرعب وكل وجع ، ثم رأيت نسوة كالنخل طولا كأنهن من بنات عبد مناف يحدقن بي ؛ فبينا أنا أعجب وأقول : وا غوثاه من
__________________
(١) ساقط في (أ، د).
(٢) هي : فاطمة بنت عمرو بن عائذ أم عبد الله ، وأبي طالب والزبير وجميع النساء إلا صفية. انظر : البداية والنهاية (٢ / ٢١٠) ، نسب قريش (١٧) ، جمهرة أنساب العرب (١٥ ، ١٤١).
(٣) في (ب) : مر بي.
(٤) انظر : السيرة الحلبية (١ / ٤٦) ، دلائل النبوة (١ / ١١١) ، طبقات ابن سعد (١ / ٨٠ ـ ٨٣) ، تهذيب تاريخ ابن عساكر (١ / ٢٨٢) ، البداية والنهاية (٢ / ٢٦٢ وما بعدها) ، الأمالي الاثنينية (خ).
(٥) أي : راوي هذه الرواية شبابة.
(٦) نهاية صفحة [١٢ ـ أ].