أين علمن بي هؤلاء ، فاشتد (١) بي الأمر فأخذني المخاض فولدت محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم فلما خرج من بطني درت فنظرت إليه ، فإذا أنا به ساجد قد رفع اصبعيه إلى السماء كالمتضرع المبتهل (٢).
[ثالثا : اضطراب الأصنام ونداء الذئب]
قال : وكان عبد المطلب ليلة إذ في جوف الكعبة يرم منها شيئا ، إذ سمع تكبيرا عاليا : الله أكبر الله أكبر رب محمد المصطفى وإبراهيم المجتبى ، ألا إن ابن آمنة الغراء قد ولد وقد انكشفت (٣) عنا سحائب الغمة إلى الرحمة ، ثم اضطربت الأصنام وخرت على وجوهها (٤).
فقال عبد المطلب : فدهشت ، ثم خرجت من الكعبة في ليلة مقمرة فإذا أنا بذئب قد وقف بأعلى مكة وهو ينادي بصوت له رفيع عربي فصيح :
يا آل غالب (٥) ألا فاسمعوا قد جاءكم النور الثاقب الذي به تستبهج الدنيا ، فاتبعوه قبل أن تدنوا وتخذلوا ، ثم مضى الذئب ، وإذا بصوت رفيع من الجبل جبل أبي قبيس (٦) : يا آل غالب ألا فاسمعوا لهذا المولود فإنه خيرة المعبود ، فطوبى لمن آزره وتبعه ونصره (٧).
__________________
(١) في (أ، د) : واشتد.
(٢) انظر : السيرة الحلبية (١ / ٤٦ ـ ٧٨) ، طبقات ابن سعد (١ / ٧٨ ـ ٨٣) ، تهذيب ابن عساكر (١ / ٢٨٢ وما بعدها) ، السيرة النبوية (١ / ١٦٦ ـ ١٦٨) ، دلائل النبوة للبيهقي (١ / ١٠٢) وما بعدها ، الخصائص الكبرى للسيوطي (١ / ٤٥ ـ ٥٣) ، الأمالي الاثنينية (خ) ، سيرة ابن هشام (١ / ١٦٦ ـ ١٦٨).
(٣) في (ب) : وقد انكشف.
(٤) في (د) : وجهها.
(٥) هم آل غالب بن فهر ، بطن من قريش من العدنانية ، وهم : بنو غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر. انظر معجم قبائل العرب (٣ / ٨٧٥ ـ ٨٧٦) ، تأريخ بن خلدون (٢ / ٣٢٤) ، صبح الأعشى للقلقشندي (١ / ٣٥٢).
(٦) جبل أبي قبيس : وقيل : أبو قابوس ، وأبو قبيس ، اسمان لجبل مكة ، ويقال : شيخ الجبال أبو قبيس ، وقيل ثبير ، انظر : معجم ما استعجم (٣ / ١٠٤٠) ، الروض المعطار (٤٥٢).
(٧) انظر : مناقب آل أبي طالب (١ / ٢٩) ، السيرة الحلبية (١ / ٦٧ وما بعدها) ، طبقات ابن سعد (١ / ٨٠ ـ ٨٣) ، البداية والنهاية (٢ / ٢٥٩ ـ ٢٧٣) ، الأمالي الاثنينية (خ) ، دلائل النبوة للبيهقي ، والخصائص للسيوطي ، ودلائل أبي نعيم.