[رواية أخرى في شق صدره (ص)] (١)
فلما كان يوما آخر إذ أنا بابني ضمرة يعدو باكيا ينادي : أدركا .. أدركا (٢) محمدا.
قالت : قلت : وما قصته؟
قال : ما أراكما تلحقانه إلّا ميتا.
فأقبلت أنا وأبوه نسعى ، فإذا به على ذروة الجبل شاخصا بعينيه نحو السماء.
فقلت : فدتك نفسي ما لذي دهاك؟
فقال : يا أماه خير ، بينا أنا قائم مع إخوتي إذ أتاني رهط ثلاثة في يد أحدهم إبريق من فضة ، وفي يد الثاني طشت من زمردة خضراء ، فانطلقوا بي إلى ذروة الجبل فشقوا من صدري إلى عانتي فلم أجد ألما ولا حسا ، وأخرجوا أحشائي وقلبي وغسلوها ثم أعادوها (٣) مكانها ثم جاء أحدهم فأمرّ يده من مفرقي إلى منتهى عانتي فالتأم ، وانكبوا عليّ يقبلوني ويقبلون رأسي وما بين عيني.
«قالت حليمة» (٤) : فاحتملته إلى كاهن ، فنظر إلى كفه وقال بأعلى صوته : يا للعرب يا للعرب أبشروا بشر قد اقترب ، اقتلوا هذا الغلام واقتلوني معه ، فإنه إن أدرك ليسفّهنّ أحلامكم وليكذّبن أديانكم (٥). فانتزعته من يده وأتيت به إلى منزلي. فقال الناس : ردّيه إلى عبد المطلب.
فعزمت عليه ، فسمعت مناديا ينادي : هنيئا لك يا بطحاء مكة وردك نور الأرض (٦) وبهاؤها وزينتها ، فركبت وحملت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بين يديّ حتى أتيت باب مكة ، فوضعته
__________________
(١) هذه الرواية أوردها السيوطي في الخصائص (١ / ٥٥ ـ ٥٦) مع بعض الاختلافات البسيطة ، وأخرج البيهقي وابن عساكر من طريق محمد بن زكريا الغلابي عن يعقوب بن جعفر بن سليمان عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده ، كما أوردها البيهقي في دلائل النبوة (١ / ١٣٩ ـ ١٤٠).
(٢) نهاية صفحة [١٩ ـ أ].
(٣) في (ج) : وغسلوها فأعادوها».
(٤) ساقط في (ب ، ج).
(٥) انظر : الأمالي الاثنينية (خ). إضافة إلى دلائل النبوة للبيهقي ، والخصائص الكبرى للسيوطي ، ودلائل النبوة لأبي نعيم.
(٦) في (أ، ب ، ج) : يا بطحاء مكة ورود نور الأرض.