رسول الله فكبّر عليها أربعين تكبيرة ، ثم نزل في قبرها فوضعها في اللحد ، ثم قرأ عليها آية الكرسى ثم قال : «اللهم اجعل من بين يديها نورا ، ومن خلفها نورا وعن يمينها نورا ، وعن شمالها نورا ، اللهم املأ قلبها نورا» ، ثم خرج من قبرها.
فقال المهاجرون : يا رسول الله قد كبّرت على أم علي ما لم تكبر على أحد!
فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «كان خلفي أربعون صفا من الملائكة فكبرت لكل صف تكبيرة» (١).
وفي حديث ابن عباس أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ألبسها قميصه واضطجع معها في قبرها ، وقال : «إني كنت يتيما في حجرها فأحسنت إليّ» (٢).
[خروجه (ص) مع عمه إلى الشام]
فلما بلغ رسول الله تسع سنين (٣) ، عزم «عمه» (٤) أبو طالب على الخروج إلى الشام بتجارة له ، فبكى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعلق بزمام راحلته وقال : «يا عم على من تخلفني وقد أوصاك جدي عبد المطلب بي» (٥)؟ فرقّ أبو طالب (٦) له وقال : لا تبك فإني خارج بك.
__________________
(١) الخبر أخرجه الإمام يحيى بن الحسين الهاروني في أماليه ص (٤٢) ، ولفظه بعد السند قال : ماتت أمي فاطمة فجئت إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فقلت : ماتت أمي ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنا لله وإنا إليه راجعون وأخذ عمامته ودفعها إليّ ، وقال : كفنها بها ، فإذا وضعتها على الأعواد فلا تحدثن شيئا حتى آتي ، فأقبل النبي صلىاللهعليهوآله وآله وسلّم في المهاجرين والأنصار يمشون لا ينظرون إليه إعظاما له حتى تقدم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فكبر عليها أربعين تكبيرة ، ثم نزل في قبرها ووضعها في اللحد ، ثم قرأ (آية الكرسي) ، ثم قال : اللهم اجعل بين يديها نورا ومن خلفها نورا وعن يمينها نورا وعن شمالها نورا ، اللهم املأ قلبها نورا ، ثم خرج من قبرها فقال له المهاجرون : يا رسول الله قد كبرت على أم علي عليهالسلام ما لم تكبر على أحد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كان خلفي أربعون صفا من الملائكة ، فكبرت لكل صف تكبيرة».
(٢) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٢٥٧) ، وقال : أخرجه الطبراني في (الأوسط) ، وأخرجه صاحب كنز العمال (١٣ / ٦٣٦) ، وعزاه لأبي نعيم في المعرفة والديلمي ، ولفظ الحديث : عن ابن عباس قال : لما ماتت فاطمة أم علي ألبسها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قميصه ، واضطجع معها في قبرها فقالوا : ما رأيناك يا رسول الله صنعت هذا فقال : «إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب أبر بي منها ، إنما ألبستها قميصي لتكتسي من حلل الجنة ، واضطجعت معها ليهون عليها» ، وينظر المصادر السابقة في ترجمتها سابقا.
(٣) وقيل : ابن اثنتي عشرة سنة ، وقيل خلاف ذلك. انظر : دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٢٦) ، سيرة ابن هشام (١ / ١٩٥).
(٤) ساقط في (أ، د).
(٥) في سيرة ابن إسحاق : فأخذ بزمام ناقته وقال : «يا عم إلى من تكلني لا أب لي ولا أم» ، ينظر المبتدأ والمبعث والمغازي لابن إسحاق (١ / ٢ / ٥٣).
(٦) في (ب ، ج) : فرق عمه أبو طالب.