[خطبة أبي طالب في تزويج خديجة]
[١٣] أخبرنا (١) محمد بن جعفر القرداني قال : حدثنا محمد بن عبد الله الجبائي يرفعه عن جعفر بن محمد عليهالسلام قال : لما أراد رسول الله تزويج خديجة أقبل أبو طالب في أهل بيته ومعه نفر من قريش حتى دخلوا على ورقة بن نوفل ، وأرسلوها فأظهرت رغبة ، ولا طفت أباها حتى أجابها.
فقال أبو طالب : الحمد لله (٢) رب هذا البيت الذي جعلنا من زرع إبراهيم ، وذرية إسماعيل ، وجعل لنا بيتا محجوجا وحرما آمنا ، وجعلنا الحكام على الناس ، وبارك لنا في بلدنا ، ويخرج فينا نبيا خاتما آمنا به واتبعنا هديه ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل من قريش إلا رجح به ، ولا يقاس بأحد منهم إلا عظم عنه ، ولا عدل له في الخلق ، ولئن كان مقلا في المال فإن المال ورق حائل ، وظل زائل ، وهو بإذن الله كفء ، وله في خديجة بنت خويلد رغبة ، ولها فيه كذلك ، والصداق ما أرادت وشاءت (٣).
فقالت خديجة : الصداق عليّ وفي مالي ، فمر (٤) عمك فلينحر ناقة وليولم للناس بها.
__________________
(١) سند المؤلف إلى جعفر بن محمد عليهالسلام عن طريق محمد بن جعفر القرداني هو : أخبرنا محمد بن جعفر القرداني قال : حدثنا أحمد بن خالد ، قال : حدثنا مسعد بن صدقة عن جعفر بن محمد. ولم نقف على سند للمؤلف عن القرداني عن محمد بن عبد الله الجبائي إلى الإمام جعفر الصادق.
(٢) نهاية الصفحة [٢٨ ـ أ].
(٣) في السيرة الحلبية (١ / ١٣٨ ـ ١٣٩) الخطبة هكذا : (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضئ معدّ ـ أي معدنه ، وعنصر مضر أي أصله ـ وجعلنا حضنة بيته ـ أي المتكفلين بشأنه ـ وسواس حرمه ـ أي القائمين بخدمته ـ وجعله لنا بيتا محجوجا ، وحرما آمنا ، وجعلنا حكام الناس ، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل إلّا رجح به شرفا ونبلا وفضلا وعقلا ، وإن كان في المال قل فإن المال ظل زائل ، وأمر حائل ، وعارية مسترجعة ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل ، وقد خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة ، وقد بذل لها من الصداق ما عاجله وآجله اثنتي عشرة أوقية ونشا).
(٤) قولها : (فمر عمك) التفات منها إلى خطبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان مهرها : اثنتي عشرة أوقية ونشا ، أي عشرون درهما ، والأوقية أربعون درهما ، وكانت الأواقي والنش من ذهب كما قاله المحب الطبري ، وبذلك يكون جملة الصداق خمسمائة درهم شرعي ، وقيل : أصدقها عشرين بكرة ، وقد أولم عليها صلىاللهعليهوآلهوسلم فنحر جزورا ، وقيل : جزورين ، وأطعم الناس ، وأمرت خديجة بنت خويلد جواريها أن يرقصن ويضربن الدفوف ، وفرح أبو طالب فرحا شديدا ، وقال : (الحمد لله الذي أذهب عنا الكرب ، ودفع عنا الغموم) ، وهي أول وليمة أولمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. انظر السيرة الحلبية (١ / ١٣٩).