[رابعا : قصة الجمل]
وأما الجمل فإنه أقبل إلى رسول اللهو ضرب بجرانه (١) الأرض ورغى وبكى ساجدا.
فقال القوم : سجد لك الجمل نحن أحق أن نسجد لك.
قال : «اسجدوا لله عزوجل ، ولو أمرت شيئا أن يسجد لشيء لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» (٢) ، جاءني يشكو أربابه» ، فبعثني مع الجمل لأنصفه إذ أقبل صاحبه أعرابي فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما بال هذا البعير يشكو أربابه»؟
قال : يا رسول الله ما يقول؟
قال : «يقول : انتجعتم عليه صغيرا حتى صار عودا كبيرا ، ثم إنكم أردتم نحره».
قال : والذي بعثك بالحق نبيا (٣) ما كذبك.
قال : «يا أعرابي : إما أن تهبه لي وإما أن تبيعه مني».
قال : يا رسول الله ، أهبه لك. فكان الجمل يأتي علوفة الناس فيعتلف منها لا يمنعونه ، فلما قبض رسول الله مات ، فأمرت بدفنه (٤) كيلا تأكله السباع.
__________________
(١) جرن الثمر في الجرين ، أي في المربد ، ومن المجاز ضرب الإسلام بجرانه ، أي ثبت واستقر ، وهو من المجاز المنقول من الكناية من قولهم : ضرب البعير بجرانه. وألقى جرانه إذا برك ، ويقال : ألقى فلان على هذا الأمر جرانه إذا وطن عليه نفسه. أساس البلاغة مادة (جرن).
(٢) أخرجه الترمذي في جامعة (٣ / ٤٦٥ ح / ١١٥٩) ، وقال : حديث حسن ، ولفظه : «لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها» ، وخبر معجزة الجمل أيضا أخرجه صاحب المصنف أبو بكر بن أبي شيبة حديث (١١٨٠٢) وما بعده ، في فضائل النبي من كتاب الفضائل (ج ١١ / ٤٨٨ ط (١) ، وينظر الحديث (١١٧٦٨) (١١ / ٤٧٣) ، والدارمي في سننه (حديث (١٨) من سننه (١ / ١١) أشار إليها البيهقي بأسانيد وبزيادات كثيرة في كتابه دلائل النبوة (٦ / ٢١ ، ٢٨ ـ ٣٠) ، وأبو نعيم في دلائل النبوة (٣٢٥ ـ ٣٢٦) ، وابن كثير في البداية والنهاية (٦ / ١٣٦) ، ومجمع الزوائد (٩ / ٤ ، ٧ ـ ٨) ، والسيوطي في الخصائص الكبرى (٢ / ٥٦) ، وينظر أيضا ما رواه أحمد في مسنده (١ / ٤٦٢) ، وابن سعد في الطبقات الكبرى (٣ / ١ : ١٠٦) ، وأبو نعيم عن الطيالسي في دلائل النبوة (١١٤) ، وابن هشام في السيرة (٢ / ١٠٠) والبيهقي في دلائل النبوة (٢ / ٤٩١).
(٣) في (أ، ج ، د) : والذي بعثك بالنبوة.
(٤) في (أ، ج ، د) : مات الجمل فأمرت بدفنه.