[سابعا : إظهار دعوته وما رافقها من معجزات] (١)
ونزل على رسول الله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) [الحجر : ٩٤] (٢) ، ثم نزل : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) [الشعراء : ٢١٤].
__________________
(١) أمر الله عزوجل نبيه محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينذر عشيرته الأقربين ، أي الأدنين إليه ، وأنه لا يخلص أحدا منهم إلّا إيمانه بالله عزوجل ، وقد تعددت الروايات فيما صنع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد نزول الآية : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) ، ومن ذلك ما روي عن البراء قال : لما نزلت : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) جمع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بني عبد المطلب ، وهم يومئذ أربعون رجلا ، الرجل منهم يأكل المسنة ويشرب العس ، فأمر عليا برجل شاة فأدمها ، ثم قال : «ادنوا بسم الله» فدنا القوم عشرة عشرة فأكلوا حتى صدروا ، ثم دعا بقعب من لبن فجرع منه جرعة ، ثم قال لهم : اشربوا بسم الله فشرب القوم حتى رووا ، فبدرهم أبو لهب فقال : «هذا ما أسحركم به الرجل!!! فسكت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يومئذ ، فلم يتكلم ، ثم دعاهم من الغد مثل ذلك من الطعام والشراب ، ثم أنذرهم رسول الله فقال : يا بني عبد المطلب إني أنا النذير إليكم من الله عزوجل والبشير لما يجيء به أحدكم ، جئتكم بالدنيا والآخرة فأسلموا وأطيعوني تهتدوا ، ومن يؤاخيني منكم ويوازرني؟ ويكون وليي ووصي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني؟ فسكت القوم ، وأعاد ذلك ثلاثا كل ذلك يسكت القوم ويقول علي : أنا ، فقال : أنت ، فقام القوم وهم يقولون لأبي طالب : أطلع ابنك فقد أمّرك عليك» ، وقد أخرج الطبري في تفسيره (٩ / ٤٨٠ ـ ٤٨٥) ، أحاديث عدة حول الموضوع وعن عدة ، وذلك من الرواية (٢٦٧٨٦) وحتى (٢٦٨١٢) ، كما أخرج الخازن في تفسيره (٣ / ٣٣٢ ـ ٣٣٣) رواية في ذلك عن علي عليهالسلام ، كما أورد ابن كثير في تفسيره (٣ / ٥٧٨ ـ ٥٨٢) عدة روايات حول ذلك ، وأخرج الحسكاني في شواهد التنزيل شيئا من ذلك (١ / ٣٧١ ـ ٣٧٣) ، (٤٢٠ ـ ٤٢٤) ، كما أخرج الطبري في سيرة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في تاريخه (٢ / ٣١٩) (ط الحديث مصر) ، رواية في ذلك ، وكذا صاحب كنز العمال الحديث (٢٨٦) ، من باب الفضائل (١٥ / ١٠٠) (ط) (٢) ، وكذا ابن عساكر في تاريخه في ترجمة أمير المؤمنين حديث (١٣٢) وتواليه بطرق سبعة ، وكذا رواه الطوسي في تفسيره مجمع البيان (٧ / ٢٠٦) ، وأورد الثعالبي في تفسيره شيئا كثيرا من ذلك ، والنسائي في الحديث (٦٣) في كتاب الخصائص (ص ٨٦) ، وكذا ابن مردويه وأبو حاتم وأبو نعيم والبيهقي في السنن الكبرى ، ودلائل النبوة بصورة مفصلة ، كما أورد النسائي في تفسيره (٢ / ١٣٧ ـ ١٤٠) أربع روايات حول ما صنع صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد نزول الآية السابقة ، والنسائي أيضا في سننه كتاب الوصايا (٩٨٢ ، ٣٦٤٤ ، ٣٦٤٥) ، (٩٧٩٢٩٨٠) (٣٦٤٨) ، تحفة الأشراف (١٧٢٣٠) (١٤٦٢٣ ، ٣٦٥٢ ، ٥٤٧٦ ، ١١٠٦٦ ، ٩٤٩٧) ، الترمذي في جامعه (٣١٨٤) ، ٣١٨٥) ، وصحيح مسلم (٢٠٧ / ٣٥٣ ، ٣٥٤) ، (٢٠٤ / ٣٤٨ ـ ٣٤٩) (٣٥٠ / ٢٠٥) ، وأحمد في مسنده (٦ / ١٨٧) ، السيوطي في الدر المنثور (٥ / ٩٥) ، النسائي في سننه الصغرى (٣٦٤٥) ، صحيح البخاري (كتاب المناقب (٣٥٢٦) ، ومجمع البيان (٥ / ١٨٧ ـ ١٨٩) ، الخصائص الكبرى للسيوطي (١ / ١٢٣ ـ ١٢٤) ، والبداية والنهاية (٣ / ٣٨) وما بعدها ، دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٣١٦) وما بعدها ، وسيرة ابن إسحاق (١٢٦) وما بعدها ، منتخب كنز العمال (٤ / ٦٥٤) وما بعدها ومصادر أخرى عديدة.
(٢) معنى فاصدع : أي أظهر وأعلن وصرّح بما أمرت به غير خائف ، وهذا عن ابن عباس وابن جريج ، ومجاهد ، وابن زيد ، وقيل : معناه : فافرق بين الحق والباطل بما أمرت به ، وهذا عن الجبائي والأخفش ، انظر تفسير الخازن (٣ / ٦٣ ـ ٦٥) ، تفسير الطبرسي (٤ / ٤٥ ـ ٤٧) ، الخصائص للسيوطي (١ / ١٢٣) ، دلائل النبوة للبيهقي (٢ / ٣١٦) ، تفسير الطبري (٧ / ٥٤٧ ـ ٥٥٠) ، قال ابن عباس : قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) هو من المنسوخ ، وقد نسخ بقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) ، وعن الضحاك في قوله : (وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) و (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ) [الجاثية : ١٤] ، وهذا النحو كله في القرآن أمر الله تعالى ذكره نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يكون ذلك منه ، ثم أمره بالقتال فنسخ ذلك كله فقال : (فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ) [النساء : ٨٩ ، ٩١] ... الآية. تفسير الطبري (٧ / ٥٥٠).