الأرض أطول (١) من نظره إلى السماء ، جلّ نظره الملاحظة ، يسوق أصحابه ، ويبتدر من لقيه بالسلام (٢).
[صفة منطقه (ص)]
قلت : صف لي منطقه.
قال : كان رسول الله متواصل الأحزان ، دائم الفكر (٣) ليست له راحة ، لا يتكلم في غير حاجة ، طويل السكوت ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه (٤) ، ويتكلم بجوامع الكلم ، فصل لا فضول ولا تقصير ، دمث ليس بالجافي ولا المهين ، يعظم النعمة وإن دقّت ، ولا يذم منها شيئا ، لا يذم ذواقا ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحد ، ولم يقم لغضبه شيء حتى ينتصر له ، ولا يغضب لنفسه ، ولا ينتصر لها ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى (٥) ، وإذا غضب أعرض وأشاح (٦) ، وإذا فرح غض طرفه ، جلّ ضحكه التبسم ، ويفتر عن شيء مثل حب الغمام ، فكتمتها (٧) الحسين عليهالسلام زمانا ، ثم حدثته فوجدته قد سبقني إليه وسألته عما سألت عنه (٨).
__________________
(١) في (أ، ب ، ج) : نظره إلى الأرض أكثر.
(٢) في (أ) : ويبتدر من لقيه بالكلام ، ووصف هند بن أبي هالة أخرجه البيهقي في الدلائل (١ / ٢٨٥ ـ ٣٠٧) ، وابن سعد في الطبقات (١ / ٤٢٢) ، والترمذي في الشمائل (١ / ٢٦) ، ودلائل النبوة لأبي نعيم (٥٥١) ، مختصر تاريخ دمشق (تاريخ دمشق الكبير لابن عساكر) (١ / ٣٢٩) ، تاريخ الإسلام للذهبي (٢ / ٣١١) ، البداية والنهاية (٦ / ٣١) ، شمائل الرسول لابن كثير (٥٠) ، والسيوطي في الخصائص (٢ / ٧١ ـ ٧٧) ، ومجمع الزوائد (٨ / ٢٧٣) ، عيون الأثر (٢ / ٤٠٥) ، انظر : دلائل البيهقي (١ / ١٩٤ ـ ٢٧٥) ، صحيح البخاري : كتاب المناقب صفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، مسند أحمد (٤ / ٢٨١) ، (٥ / ١٠٤) ، صحيح الترمذي (٥ / ٥٩٩) ، تهذيب تأريخ ابن عساكر (١ / ٣١٦) وما بعدها ، خصائص السيوطي (١ / ٥٩ ـ ٧١).
(٣) في (ج) الفكرة.
(٤) أي بسعة فمه صلىاللهعليهوآلهوسلم والعرب تتمادح بهذا وتذم بصغر الفم.
(٥) في بعض الروايات : فضرب إبهامه اليمنى راحته اليسرى.
(٦) أشاح : مال وانقبض. أساس البلاغة (٢٤٥) مادة «شيح».
(٧) في (ج) : فكتمها.
(٨) هذه الرواية أوردها البيهقي في دلائل النبوة ، انظر (١ / ٢٨٥ ـ ٢٩٠) ، وكذا ابن كثير في الشمائل.