[رابعا : مآثر قصي] (١)
وأما قصي فاسمه زيد ، وسمي قصيا لتقصيه عن قومه بمكة إلى أرض قضاعة مع أمه فاطمة بنت سعد بن سيل ؛ وقيل : لتقصيه عمّا يشينه من البخل والجبن إلى النجدة ومكارم الأخلاق وهو الذي جمع بني أبيه (٢) واسترجع مكة والملك من خزاعة وغلبهم فكان يقال له لذلك : المجمع.
قال حذافة بن غانم العدوي (٣) :
أبو كم قصي كان يدعى مجمّعا |
|
به جمع الله القبائل من فهر |
نزلنا بها والناس فيها قبائل |
|
وليس بها إلّا كهول بني عمرو |
خليل الذي عادى كنانة كلها |
|
ورابط بيت الله في العسر واليسر |
وأنتم بنو زيد (٤) وزيد أبوكم |
|
به زيدت البطحاء فخرا على فخر |
يعني بني عمرو بن خزاعة.
__________________
(١) اسمه زيد ، وقيل يزيد ، ويدعى مجمعا ، وسمي قصي بذلك لأن أمه تزوجت بعد أبيه بربيعة بن حزام بن عذرة فسافر بها إلى بلاده ، وهو صغير فسمي قصيا لذلك ، ثم عاد إلى مكة وهو كبير ، ولم شعث قريش وجمعها من متفرقات البلاد ، وأزاح يد خزاعة عن البيت ، وأجلاهم عن مكة ورجع الحق إلى نصابه وصار رئيس قريش على الإطلاق ، وكانت إليه الوفادة والسقاية وهو الذي سنها والسدانة والحجابة واللواء ودار الندوة ، كما كان سيدا رئيسا مطاعا معظما ، وقد تزوج حبي ابنه رئيس خزاعة حليل بن حيشة ، وقصي أول من أحدث وقيد النار بالمزدلفة ليهتدي إليها من يأتي من عرفات ، والرفادة وهو إطعام الحجيج أيام المواسم إلى أن يخرجوا راجعين إلى بلادهم ، وذلك أنه فرضه عليهم فقال : (يا معشر قريش إنكم جيران الله وأهل مكة وأهل الحرم وإن الحجاج ضيف الله وزوار بيته وهم أحق بالضيافة فاجعلوا لهم طعاما وشرابا أيام الحج حتى يصدروا عنكم) ، ففعلوا ، انظر : طبقات ابن سعد (١ / ٣٦ ـ ٤٢) ، اليعقوبي (١ / ١٩٦) ، المحبر (١٦٤) ، تاريخ الكعبة (٤٧) ، الروض الأنف (١ / ٨٤) ، سمط اللآلي (٩٥٠) ، البداية والنهاية (٢ / ٢٠٥ ـ ٢١١) ، (٢٥٤ ـ ٢٥٥) ، تاريخ الطبري (٢ / ١٤ ـ ١٩) ، سيرة ابن هشام (١ / ١٣١ ـ ١٣٧) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ١١ ـ ١٥) ، السيرة الحلبية (١ / ٧ ـ ١٥) ، الأعلام (٥ / ١٩٨).
(٢) نهاية الصفحة [٦٢ ـ أ].
(٣) ورد في الأصل «حداثة» والصحيح ما أثبتناه إذ أن اسمه الصحيح حذافة بن غانم وهو أخو حذيفة ، ووالد خارجة بن حذافة ، والقصيدة المشار إليها أوردها كاملة ابن هشام في السيرة النبوية مع تغيير في بعض الألفاظ ، انظر : سيرة ابن هشام (١ / ١٨٤ ـ ١٨٨) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ١٣) ، والأبيات أيضا نسبت لحذافة بن جمع ، تاريخ الطبري (٢ / ١٦).
(٤) في (أ، ب) بدر وهو تصحيف.