قال : قلت : بل أنفذها.
قالت : أما الآن فلا يشهدني أبو بكر ولا عمر ولا يصليا عليّ.
قال : فلما توفيت أرسل الرجلان متى تريد أن تدفنها؟
قال : الصبح إن شاء الله.
قال : وماتت في بيتي الذي في المسجد ، قال فنقلتها إلى داري القصوى ، ثم غسلتها في بيت فيها فجعلت أغسلها وتسكب الماء علي أسماء بنت عميس ، ثم خرجت بها ليلا أنا وابناها الحسن والحسين وعمار وأبو ذر والمقداد بن الأسود وعبيد الله بن أبي رافع (١) ، حتى دفناها بالبقيع من آخر زاوية دار عقيل ، وبعث إليّ الرجلان أحدهما بالسنح علي ميلين من المدينة عند امرأة له من الأنصار ، فجاء يركض ، وقد أثرت سبعة أقبر ورششتها فقال لي : أغدرا.
فقلت : لا ولكنه عهد ووصية ، فأما أحدهما فأبلس (٢) ، وأما الآخر فقال : لو علمنا أن هواها أن لا نشهدها ما شهدناها (٣).
[حديث فاطمة (ع) في نساء المهاجرين والأنصار]
قال : ولما اشتدت علتها اجتمع إليها نساء المهاجرين والأنصار ذا (٤) صباح فقلن : كيف أصبحت يا بنت رسول الله عن علتك؟
قالت : أصبحت والله عائفة لدنياكم ، قالية لرجالكم ، شنئتهم بعد إذ سبرتهم ، ولفظتهم بعد إذ عجمتهم (٥) ، فقبحا لفلول الحد ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ
__________________
(١) هو : عبد الله بن أبي رافع ، مولى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم واسم أبي رافع : أسلم ، وكان كاتب الإمام علي كرم الله وجهه ، روى عن علي وأبي هريرة وأبيه ، عنه : بسر بن سعيد والحسن بن محمد. انظر : الجرح والتعديل (٥ / ٣٠٧).
(٢) أي : سكت لحيرة أو انقطاع حجة ، قال : الله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ).
(٣) انظر شرح نهج البلاغة للمعتزلي (٤ / ٨٦٤) وما بعدها ، وكذا (٨٧٠) من الجزء المذكور ، والشافي للإمام عبد الله بن حمزة (٤ / ٢١٠) وما بعدها إضافة إلى المصادر المشار إليها في ترجمتها سابقا.
(٤) نهاية الصفحة [١٢٢ ـ أ].
(٥) أي بلوتهم وخبرتهم ، وفي شرح نهج البلاغة : (عجمتهم وشنئتهم بعد أن سبرتهم فقبحا لغلول الحد وخور القناة) ، شرح النهج (٤ / ٨٤٠).