[حوار ومساءلة بين عمر وابن عباس]
[١٣٣] أخبرنا (١) ابن الهيثم بإسناده عن ابن عباس قال : دخلت على عمر بن الخطاب ـ وكان لي مكرما ، وكان يلحقني (٢) بعلية الرجال ـ فتنفّس يوما تنفس الصعداء ظننت أن أعضاءه ستنقصف ، فأردت مساءلته ، فتمثلت له بأبيات من شعر نابغة ، قال قلت : قاتل الله نابغة بني ذبيان حين يقول (٣) :
فإن يرجع النعمان نفرح ونبتهل |
|
ويأت معدا غيثها وربيعها |
ويرجع إلى غسان ملك وسؤدد |
|
وتلك المنى لو أننا نستطيعها |
وإن يهلك النعمان بعد مطيه |
|
ويحيا في خوف العنان فطوعها |
وتنحط حصان آخر الليل بحطة |
|
تقضب منها أو تكاد ضلوعها |
على إثر خير الناس إن كان هالكا |
|
وإن كان في جنب الفراش ضجيعها |
قال : يا بن عباس ، كأنك ترى أن صاحبك لها أهل؟!
قال : قلت : أوليس لها أهل في قرابته (٤) وصهارته وسابقته؟
قال : بلى ، ولكنه امرؤ فيه دعابة.
قال : فعبد الرحمن بن عوف.
__________________
(١) السند لعله : حدثنا علي بن محمد بن الهيثم السعدي ، قال : حدثنا أبو علي الحسن بن الفرج الغزاء ، قال : حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ، قال : حدثنا مالك عن موسى بن عقبة ، عن كريب مولى ابن عباس ، عن ابن عباس.
(٢) نهاية الصفحة [١٢٧ ـ أ].
(٣) هو : زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطاني المضري أبو أمامة شاعر جاهلي (... نحو ١٨ ق ه / ... نحو ٦٠٤ م). من الطبقة الأولى من أهل الحجاز كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها وكان خطب عند النعمان بن المنذر ، حتى شبب في قصيدة له بالمتجردة ـ زوجة النعمان ـ ففر النابغة ووفد على الغسانيين بالشام وغاب زمنا ، ثم رضي عنه النعمان ، فعاد إليه ، وشعره كثير ، انظر : الأعلام (٣ / ٥٤ ـ ٥٥) ، الأغاني (١١ / ٣) وما بعدها ، نهاية الأرب (٣ / ٥٩) ، وفيه سمّاه زياد بن عمرو ، الشعر والشعراء (٣٨) ، خزانة الأدب للبغدادي (١ / ٢٨٧ ، ٤٢٧) (٤ / ٩٦) ، قصة الأدب في الحجاز في العصر الجاهلي (٦٣١) وما بعدها.
(٤) في (ب ، ج) : أو ليس لها بأهل في قرابة.