الناس برئت الذمة ممن كلم أبا ذر ، وأبي أبو ذر أن يكف عنه ، وقال : إني بايعت خليلي رسول الله على أن لا تأخذني في الله لومة لائم ، فسيره إلى أرض الرّبذة ، فلم يزل بها حتى مات (١).
[بين عبد الله بن مسعود وعثمان بن عفان]
وبلغ أن عبد الله بن مسعود قد أظهر البراءة منه بالكوفة ، فأمر به فأخرج إليه ، فلما قدم المدينة ، وذلك يوم الجمعة ، قام عثمان على المنبر يذكر ابن مسعود ويشتمه ، وابن مسعود في المسجد ، فقام إليه وكلمه على رءوس الناس وذكره الله ، فأمر عبدا أسود يقال له : ابن زمعة فوطئه حتى كسر أضلاعه ، ثم قال ابن (٢) مسعود. أمر الكافر عثمان غلامه ابن زمعة فكسر أضلاعي.
وخرج أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فضربن أبياتهن حوله يمرضنه حتى مات ، وأوصى أن لا يصلي عليه عثمان ، فدفن بغير علمه ، فلما علم أراد أن ينبشه ، فمنعه أصحاب رسول الله وضرب عبد الرحمن بن حنبل (٣) مائة سوط ، وقيّده في الحديد ، ثم سيره إلى حنين ، وبعث جواسيسا يستمعون طعن الناس عليه ، فإذا سمعوا الكلمة من الرجل رفعوها إليه فيحرمه بها حظه من فيء الله ، وعاقب رجالا في ذلك بالضرب وانتزع أموالهم ، وأمر بقراءة علي وعبد الله وأبي بن
__________________
(١) خبر أبي ذر وما كان من عثمان ومعاوية أورده ابن أبي الحديد المعتزلي في كتابه (شرح النهج) (٨ / ٢٥٢) وما بعدها.
(٢) نهاية الصفحة [١٣٦ ـ أ].
(٣) ورد في الأصل عبد الرحمن بن حمل ، وما أثبتناه من الاستيعاب والإصابة ، وهو عبد الرحمن بن حنبل أخو كلدة بن حنبل ، وهو القائل في عثمان :
أقسم بالله رب العباد |
|
ما خلق شيئا سدى |
ولكن خلقت لنا فتنة |
|
لكي نبتلي بك أو تبتلى |
قال في أسد الغابة : وكان منحرفا عنه ـ أي عثمان ـ وإن كان لا يثبت ، وقاتل مع أمير المؤمنين علي عليهالسلام يوم صفين ، انظر : أسد الغابة (٣ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩) ، الاستيعاب (٢ / ٢٧٢ ت ١٤٠٩) ، الإصابة (٢ / ٣٩٥ ت ٥١٠٧).