أبي بكر (رحمة الله عليه) أخا عبد الله بن جعفر بن أبي طالب لأمه أسماء بنت عميس ، وكان لعبد الله في تولية محمد رأي ، فسأل أمير المؤمنين توليته مصر فولّاه (١) ، وصرف قيس بن سعد ، فخرج إليها وكان بها حتى خرج عليه معاوية بن حديج (٢) ، وذلك لقدوم عمرو بن العاص من الشام في خيل ، فقاتله محمد فجرح وأسر ، وجعله معاوية بن حديج في جلد حمار وأحرقه ، فبلغ ذلك أمير المؤمنين عليهالسلام فاشتد حزنه ومصيبته به ، ثم دعا مالك بن الحارث الأشتر وأمره بالتجهيز (٣) إلى مصر وولّاه إيّاها ، فبلغ أوائل مصر ونزل ، وقد كان معاوية دسّ إليه من بني أمية من يسقيه سما في عسل ، وكان مالك (رحمهالله) مولعا بالعسل ، فتناوله فكانت منه منيته ، فقال معاوية : إن لله جنودا من عسل (٤).
[١٦٨] أخبرنا أبو زيد عن رجالة عن عوانة بن الحكم قال : لما جاء هلاك مالك الأشتر عليا عليهالسلام قال : إن مالك بن الحارث قد قصى نحبه ووفى عهده ، ولقي ربه ، رحم الله مالكا ، وما مالك لو كان حديدا لكان فندا ـ أي صليبا شديدا ـ ولو كان حجرا لكان صلدا ، رحم الله مالكا ، وهل مثل مالك؟ ، وهل قامت النساء عن مثل مالك ، وهل موجود كمالك ، ثم قال : أما والله إن هلاكه قد أعز أهل المغرب وأذل أهل المشرق.
[صفة أمير المؤمنين علي عليهالسلام وحليته]
[١٦٩] أخبرنا محمد بن جعفر القرداني بإسناده عن زيد بن علي (٥) عليهالسلام قال : قلنا
__________________
(١) في (أ) : فسأله يوليه مصر فولاه.
(٢) هو معاوية بن خديج بن جفنة بن قتيرة ، أبو نعيم ، قيل : إنه حدث عن عمرو وأبي ذر ، ومعاوية ، حدث عنه ابنه عبد الرحمن ، وعلي بن رباح ، وعبد الرحمن بن شماسة المهري ، وسويد بن قيس التجيبي ، وآخرون ، ولي إمرة مصر من قبل معاوية بعد أسره لمحمد بن أبي بكر ، وقتله وحرقه في جلد حمار ، حج مع معاوية بن أبي سفيان ، وكان من أسب الناس للإمام علي كرم الله وجهه فيما روي أنه قال له رسول الله : «أنت الساب عليا رضي الله عنه» ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٣٧ ـ ٤٠) ، طبقات ابن سعد (٧ / ٥٠٣) ، طبقات خليفة (ت ٤٧٧ ، ٢٧٢٣).
(٣) في (ج) : وأمره بالتجهيز والخروج.
(٤) نقل مقولة معاوية الذهبي في ترجمة الأشتر (٣ / ٣٤ ـ ٣٥) ، وقال : وسر بهلاكه عمرو بن العاص ، وقال : إن لله جنودا من عسل.
(٥) نهاية الصفحة [١٦٨ ـ أ].