طريق الغري : أتدرون أين نحن؟ نحن بأرض من رياض الجنة ، نحن في طريق قبر أمير المؤمنين عليهالسلام.
[دفن أمير المؤمنين عليهالسلام وخطبة ولده الحسن بعدها]
ولما دفن علي عليهالسلام قام الحسن بن علي ـ صلوات الله عليه ـ في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : لقد فارقكم في هذه الليلة رجل ما سبقة الأولون بعلم ، ولا يدركه الآخرون بعمل ، وإن كان رسول الله ليبعثنه المبعث فيقاتل جبريل عن يمينه ، وميكائيل عن يساره ، فما يرجع حتى يفتح الله عليه ، وما ترك صفراء (١) ولا بيضاء إلّا سبعمائة درهم بقيت من عطائه ، أراد أن يشتري بها خادما لأهله ، ولقد قبض في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم صلّى الله عليه (٢).
قال : وقدم ابن ملجم وضربه بالسيف فقتله ، وأما البرك بن عبد الله فانطلق تلك الليلة التي ضرب فيها ابن ملجم عليا عليهالسلام إلى معاوية ، فوافقه يصلي بالناس فشد عليه فطعنه بالخنجر في أليته فأخذ فقتل ، ويقال : بل قطع يديه ورجليه وخلى عنه ودووي معاوية فبرئ (٣) ، ثم إنه بلغه أنه ولد له ولد فبعث إليه فقتله ، ثم اتخذ معاوية المقاصير والحرس وهو أول من اتخذها في الإسلام خوفا على نفسه ، وانطلق عمرو بن بكر إلى عمرو بن العاص ، وكان عميدا يشتكي بطنه تلك الليلة ، فلم يخرج وأمر خارجة (٤) قاضي مصر أن يصلي بالناس ، فخرج يصلي بهم فوافقه ابن بكر فقتله فانطلق به إلى عمرو وقال لعمرو : يا عدو الله والله ما أردت غيرك ، قال : لكن الله أبى إلّا خارجة ، ثم أمر به فقتل وصلب ، «وكانت مدة خلافة أمير المؤمنين عليهالسلام خمس سنين إلّا شهرين» (٥).
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٧٨ ـ أ].
(٢) خطبة الإمام الحسن بعد استشهاد والده أمير المؤمنين عليهالسلام أوردها الطبري في تاريخه (٤ / ١٢١) ، وابن أبي الحديد في شرح النهج (١٦ / ٢٩ ، ٣٠) ، وصفة الصفوة (١ / ١٢٦) ، مقاتل الطالبين (ص ٦٢).
(٣) انظر الخبر في مقاتل الطالبين ص (٤٤).
(٤) هو : خارجة بن أبي حبيبة ، أحد بني عامر بن لؤي ، انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٤ ـ ٤٥).
(٥) ساقط في (أ) ، وقد اختلف في مدة خلافته عليهالسلام ، قال : الطبري : وكانت خلافته خمس سنين إلا ثلاثة أشهر ، وقيل : يوما أو غير يوم. انظر : تاريخ الطبري (٤ / ١١٦ ـ ١١٧).