الحمد لله الذي لم يزل للحمد أهلا ، الذي منّ علينا بالإسلام وجعل فينا النبوة والكتاب (١) ، واصطفانا على خلقه ، فجعلنا شهداء على الناس ، وجعل الرسول علينا شهيدا ، أيها الناس (٢) من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فالجد في كتاب الله أب قال الله : (وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ) [يوسف : ٣٨] ، فأنا ابن البشير النذير ، وأنا ابن الداعي إلى الله تعالى وأنا ابن السراج المنير ، ونحن أهل البيت الذين كان جبريل فيهم ينزل ، ومنهم يصعد ، ونحن الذين افترض الله مودتنا وولايتنا ، فقال : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣]. أيها الناس (٣) لقد فارقكم في هذه الليلة رجل ما سبقه الأولون ولا يدركه (٤) الآخرون ، هيهات ...! هيهات ...! ، لطال ما قلبتم له الأمور في مواطن بدر وأحد وحنين وخيبر وأخواتها ، جرعكم رنقا ، وسوّغكم علقما (٥) ، فلستم بملومين على بغضكم إياه.
أيها الناس لقد فقدتم رجلا لم يكن بالملومة في أمر الله ، ولا النئومة عن حق الله ، ولا السروفة (٦) من مال الله ، أعطى الكتاب عزائمه ، دعاه فأجابه ، وقاده فاتبعه صلوات الله عليه وعلى آله ومغفرته ، ونحتسب أمير المؤمنين عند الله وأستودع الله ديني وأمانتي وخواتيم عملي (٧).
[خطبة قيس بن سعد بن عبادة]
فقام قيس بن سعد بن عبادة ، فحمد الله ، وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإن الله ـ تعالى ـ بعث
__________________
(١) نهاية الصفحة [١٨٠ ـ أ].
(٢) في (أ) : يا أيها الناس.
(٣) في (أ) : يا أيها الناس.
(٤) في (أ) : وما يدركه.
(٥) في (أ) : وسوغكم علقا.
(٦) في (ب ، ج) : ولا السروقة.
(٧) الخطبة أورد بعضا منها أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل الطالبيين ص (٦٢) ، وباقر شريف القرشي في كتابه (حياة الإمام الحسن) (٢ / ٣٢) ، الطبري (٤ / ١٢١) ، وما بعدها ، شرح نهج البلاغة (١٦ / ٢٩ ـ ٣٠).