فانتبه عليهالسلام وأخبر أهل بيته ، فما رأى أكثر باكيا وباكية فيهم من ليلتئذ.
ثم ودعهم وخرج بمن خرج معه من ولده وإخوته وبني أخيه وبني عمه نحو مكة (١) ، فقدمها وأقام بها خمسة أشهر أو أربعة ، وورد عليه نحو ثمان مائة كتاب من أهل العراقين ببيعة أربعة وعشرين الفا له ؛ فبعث مسلم بن عقيل (٢) رحمة الله عليه ، وكان شجاعا قويا ، فإنه كان يأخذ الرجل فيرمي به فوق البيت ، فخرج مسلم حتى أتى المدينة فاكترى أعرابيين دليلين فأخذا به في البرية ، فمات أحدهما عطشا ؛ وكتب إلى الحسين يستأذنه في الرجوع فأجابه : أن امضي ما أمرتك به (٣).
[قدوم الحسين (ع) الكوفة ومواقف النعمان بن بشير وغيره]
فخرج حتى قدم الكوفة (٤) ، ونزل دار المختار بن أبي عبيد الثقفي (٥) وبايعه من أهلها ثمانية
__________________
(١) يذكر المؤرخون أنه خرج ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب سنة (٦٠ ه) ، وهو الصحيح في الإفادة في تاريخ الأئمة السادة (خ) ، وفي الفتوح (٥ / ٣٤) أنه خرج لثلاث مضين من شعبان ، انظر : خطط المقريزي (٢ / ٢٨٥) ، الفتوح (٥ / ٣٤) ، والإفادة (خ) ، المنتظم لابن الجوزي (ج ٥) ، حياة الحسين (٢ / ٣٠٥).
(٢) هو مسلم بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، تابعي من ذوي الرأي والعلم والشجاعة ، كان مقيما بمكة وانتدبه الإمام الحسين السبط بن علي ليعرف على حال أهل الكوفة حسين وردت عليه كتبهم يدعونه ، ويبايعونه ، فرحل مسلم إلى الكوفة فأخذ بيعة (١٨٠٠٠) من أهلها وكتب إلى الحسين بذلك ، فشعر به عبيد الله بن زياد ، وأمير الكوفة يطلبه ، فمنعه الناس ثم تفرقوا عنه فأوى إلى دار امرأة من كندة فأخفته ، ولم يلبث أن عرف مكانه فقبض عليه ابن زياد ، وقتله وهو أول من قتل من أصحاب الإمام الحسين ، وفي الكوفة إلى الآن ضريح يقال : إنه قبره الذي دفن فيه ، وهو معروف باسمه ، استشهد سنة (٦٠ ه / ١٨٠ م) أمة أم ولد يقال لها : حلية ، وكان عقيل اشتراها من الشام فولدت له مسلما ولا عقيب له ، ٤ انظر : مقاتل الطالبيين ص (٨٦) ، (وانظر فهارسه) ص (٦٢٣) ، الجرح والتعديل (٨ / ١٩) ، الكامل لابن الأثير (٤ / ٨ ـ ١٥) ، الأخبار الطوال (٢٣٣) ابن العبرى (١٨٩) ، تاريخ الكوفة (٥٩) ، الأعلام (٧ / ٢٢٢) ، طبقات ابن سعد (٥ / ٢٩).
(٣) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٩٩) وما بعدها ، الفتوح (٥ / ٥٣) وما بعدها.
(٤) نهاية الصفحة [٦٧ ـ أ].
(٥) هو المختار بن أبي عبيد الثقفي ، استعمله عمر بن الخطاب على جيش فغزا العراق وإليه تنسب وقعة جسر أبي عبيد ، وكان من كبار ثقيف وذوي الرأي والفصاحة ، والشجاعة والدهاء ، انظر : سير أعلام النبلاء (٣ / ٥٣٨ ـ ٥٤٤) ، المحبر (٧٠ ، ٣٠٢ ، ٤٩١) ، المعارف (٤٠٠) تاريخ الطبري (٥ / ٥٦٩) ، (٦ / ٧ ، ٣٨) وما بعدها ، ٩٣) ، مروج الذهب (٣ / ٣٧٢).