قال : ثم لحقنا يحيى بن زيد عليهالسلام وأرسل إلى عمرو بن زرارة أن انصرف عني فإني لست أريدك ولا أريد شيئا من عملك ، وإنما أريد بلخا وناحيتها ولا أريد مروا فتنح عني.
فقال عمرو بن (١) زرارة : لا والله لا يكون ذلك أبدا إلّا أن تعطي بيدك وتدخل في الأمان ، وإلا قاتلتك.
قال : فكأني أنظر إلى يحيى عليهالسلام وأسمع صوته من خلفي وهو ينادي : الجنة .. الجنة .. يا معشر المسلمين الحقوا بسلفكم الشهداء المرزوقين (رحمكم الله).
قال : ثم تحمّل عليهم حملة رجل واحد فانكشفوا.
قال : واستقبلنا عمرو بن زرارة يصيح بأصحابه. قال : فما كانت إلّا إياها حتى قتل عمرو بن زرارة ، وانكشف أصحابه وأخذوا الطريق حتى أتى يحيى بن زيد عليهالسلام الجوزجان (٢) ، ثم لحق بعد قوم من الزيدية بيحيى عليهالسلام ، قال : وكانوا قريبا من خمسين ومائة رجل.
[حثه (ع) لأصحابه على الجهاد]
[٥] حدثنا أبو العباس عن ابن محمد التنوخي ، بإسناده عن سلمة بن عامر الهمداني ، قال : لما وافق سلم بن أحوز (غضب الله عليه) يحيى بن زيد عليهماالسلام أقبل يحيى على أصحابه ، فقال : يا عباد الله ، إن الأجل محضره الموت ، وإن الموت طالب حثيث لا يفوته الهارب ، ولا يعجزه المقيم ، فاقدموا (رحمكم الله) على عدوكم والحقوا بسلفكم ، الجنة .. الجنة ، اقدموا ولا تنكلوا ، فإنه لا شرف أشرف من الشهادة ، فإن أشرف الموت قتل في سبيل الله ، فلتقر بالشهادة أعينكم ، ولتنشرح للقاء الله صدوركم ، ثم نهد (٣) إلى القوم فكان والله أرغب أصحابه في القتل في سبيل الله جل ثناؤه.
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٢٧ ـ أ].
(٢) انظر : تاريخ الطبري (٥ / ٥٣٦ ـ ٥٣٨) ، مقابل الطالبيين ص (١٤٩) الكامل لابن الأثير (٤ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠).
(٣) نهد إلى القوم : شرع في قتاله.