وقد نجم الجور وخولف الكتاب الذي به هدي واهتداء ، وأميتت السنة ، وأحييت البدعة ، ونحن ندعوكم أيها الناس إلى : الحكم بكتاب الله ، وإلى العمل بما فيه ، وإلى إنكار المنكر وإلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ونستعينكم على ما أمر الله به في كتابه ، من المعاونة (١) على البر والتقوى.
واعلموا أيها الناس أنكم غير مصيبي الرشد بخلافكم لذرية نبيكم (٢) صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووضعكم (٣) الأمر في غير محله ، فعازت لأحدكم (٤) بعد جماحها (٥) ، وتفرقت جماعتكم بعد اتساقها ، وشاركتم (٦) الظالمين في أوزارها لترككم التغيير على أمرائها ، ودفع الحق من الأمر إلى أوليائه ، فلا سهمنا وفيناه ، ولا تراثنا أعطيناه ، وما زال يولد مولودنا في الخوف ، وينشأ ناشئنا في القهر ويموت ميتنا بالذل والقهر والقتل بمنزلة بني اسرائيل ، تذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم ، ويولد مولودهم في المخافة ، وينشأ ناشئهم في العبودية ، وإنما فخرت قريش على سائر الأحياء بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ودانت العجم للعرب بادعائها لحقنا ، والفخر بأبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم ثم منعنا حقه ، ودفعنا عن مقامه ، أما والله لو رجوا التمكين في البلاد والظهور على الأديان ، وتناول الملك بخلاف إظهار التوحيد ، وبخلاف الدعوة إلى محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم والإذعان منهم بالقرآن ، لاتخذوا أساطير (٧) مختلقة بأهوائهم ، وعبدوا الأوثان بآرائهم ، ولاتخذوا (٨) من أنفسهم زعيما.
فاتقوا الله عباد الله ، وأجيبوا إلى الحق ، وكونوا عليه أعوانا لمن دعاكم إليه ، ولا تأخذوا بسنة بني إسرائيل إذ كذبوا أنبياءهم ، وقتلوا ذريتهم على أنها سنة كسنة تركبونها وعروة بعد عروة تنكثونها وقد قال الله جل ثناؤه في كتابه : (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) [الانشقاق : ١٩].
__________________
(١) في (ب ، ج) : على المعاونة.
(٢) في (د ، أ) : لذريته فقط.
(٣) في (د) ووضع.
(٤) في (أ، ب ، ج) : فغارت عين أحدكم.
(٥) في (أ) : جموحها.
(٦) في (ب ، ج ، د) : وشركتم.
(٧) في (أ) أساطير الأولين ونهاية الصفحة [٢٣٣ ـ أ].
(٨) في (أ) : لا تجدوا.