ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ، أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ، أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الزمر : ٥٦ ـ ٥٨].
وفقنا الله وإياكم لمحابّه وجنبنا وإياكم معاصيه ، انصروا الله ينصركم. والسلام.
[مطاردته وسجنه]
فاجتمعت الشيعة إلى الحسن عليهالسلام ودعوا الناس إلى مكاتفته (١) على الدعاء إلى الحق ، وكان مستترا بالبصرة ، والشيعة تلقى بعضها بعضا بأسبابه ، فسعى به قرين بن يعلى الأزدي إلى أبي جعفر ، فأعطاه ثلاثة آلاف درهم ، وأرسل معه مرغيد النصراني في جماعة من الأعوان ، وكتب إلى صاحب البصرة في السمع لهم والطاعة ، فأقبلوا حتى نزلوا البصرة ، وأقبل مرغيد يظهر العبادة والتأله ومذهب الشيعة ، ومضى قرين إلى الحسن فأخبره خبره ، وعرّف بينه وبين الشيعة ، فجعلت الشيعة تصف نسكه (٢) للحسن حتى كان الحسن مشتهيا للقائه ، ومرغيد مع ذلك لا يدع صلة الحسن بالأموال ، ويقول : استعن بها على أمرك ، وكلما كتب إليه الحسن كتابا وضعه على عينه وأكل ختمه ؛ يريه بذلك في رأي العين التبارك ... إلى أن قالت له الشيعة يوما : إن الحسن يشتهي لقاءك ، فقال : أخشى أن أشهر نفسي ، ولكن أنا في حجرة فلو جاءني (٣) مع هذا وأومى إلى قرين رجوت أن يكون أغبى لأمره ، فأجابته الشيعة إلى ذلك ، وعمد مرغيد فهيأ القيود والرجال ، فلما وافاه الحسن قيده وحمله من ساعته إلى أبي جعفر على البريد ، فلما وصل إليه الحسن أمر بحبسه وبعث عميرا مولاه ، فأخذ قرينا وأخاه فعذبهما حتى قتلهما.
فقال في ذلك بعض الشيعة :
حمدت الله ذا الآلاء لمّا |
|
رأيت قرين يحمل في الحديد |
__________________
(١) في (ج) : مكانته. وهو تصحيف.
(٢) نهاية الصفحة [١٦٠ ـ أ].
(٣) في (أ) : جاء.