دس إلى الحسين : أني والله ما أحب أن أبلى بك ، فابعث إلي جماعة من أصحابك ولو عشرة أناس يبيتون عسكري فإني انهزم ، وستر الرسالة إليه بذلك وأعطاه على قوله (١) عهودا ، فأرسل إليه نفرا (٢) فطوقوا عسكره وجعجعوا به وبأصحابه وصيحوا به ، فخرج هاربا وابتغى دليلا يعدل به عن المدينة حتى يصير بين مكة والمدينة ، فورد على موسى بن عيسى فاعتذر إليه في انهزامه بالبيات ، ثم اجتمعوا في عسكر واحد (٣).
[خروجه إلى مكة]
وتهيأ الحسين في من بايعه ، ودفع مالا إلى مولى لآل الحسين (٤) يقال له يوسف ، وكانت جدته مولاة فاطمة بنت الحسين ، فأمره أن يكتري له ولأصحابه وهو يريد في تقديره أن يسبق الجيوش إلى مكة ، فأقام أياما ويوسف يخبره أن قد اكترى له ، ثم توارى (٥) ، وذهب بالمال (٦).
قال أبو الحسن النوفلي : فلما وقف الحسين على ما صنع يوسف طلب الكريّ فلم يجده لضيق الوقت ، فلم يزل يحتال للمال والإبل حتى وجد من ذلك ما وجد وقد فاته الوقت ، وتقدمت الجيوش مكة ممن خرج من الكوفة والبصرة وبغداد وخرج ومعه ممن تبعه ومن أهل بيته زهاء ثلاثمائة رجل ، فلما قربوا من مكة وصاروا إلى فخ وبلدح (٧) تلقته الجيوش.
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٧١ ـ أ].
(٢) في (د ، أ) : نفيرا.
(٣) راجع تاريخ الطبري (٦ / ٤١٣) ، وابن الأثير (٦ / ٣٣) ، ومقاتل الطالبيين (٣٧٦) وما بعدها.
(٤) في (أ) : لآل الحسن.
(٥) في (أ) : ثم توارى عنه.
(٦) في الطبري أنه أقام بالمدينة أحد عشر يوما ، ثم خرج في أربعة وعشرين من ذي القعدة سنة (١٦٩ ه) ، تاريخ الطبري (٦ / ٤١٣).
(٧) بلدح : هو وادي يقع قبل مكة من جهة الغرب ، وفيه المثل : لكن على بلدح قوم عجفى ، قال أبو الفرج الأصبهاني : حدثني أحمد بن عبد الله ، قال : سمع على مياه غطفان كلها ليلة قتل الحسين صاحب فخ هاتف يهتف ويقول :
ألا بالقوم للسواد المصبح |
|
ومقتل أولاد النبي ببلدح |
انظر : معجم البلدان (١ / ٤٨٠ ـ ٤٨١) ، مقاتل الطالبيين ص (٣٨٤ ـ ٣٨٥) ، وانظر حول خروجه من المدينة إلى مكة ، انظر : المقاتل ص (٣٧٧).