وروي : أن حماد التركي (١) كان فيمن حضر وقعة الحسين صاحب فخ ؛ فقال (٢) للقوم وهم في القتال : أروني حسينا فأومئوا له إليه ، فرماه بسهم فقتله ، فوهب له محمد بن سليمان مائة ألف درهم ، ومائة ثوب (٣).
وروى بعضهم قال : كنا بالعقيق (٤) فمرت بنا جماعة زهاء أربعين فيهم الحسين بن علي متوجها نحو مكة (٥) ، وإذا أصحابه قد خذلوه ، وهو على بغلة له على رأسه برطلة (٦) من الشمس وأخته بين يديه في قبة وحواليه الجماعة ، وعليهم السلاح.
فلما كان من الغد خرج جواري أهل المدينة في العقيق ، فإذا هذه قد جاءت بدرع ، وهذه ببيضة ، وهذه بساعد ، وإذا أصحابه قد خذلوه ، فلما صاروا إلى العقيق جعلوا ينزعون سلاحهم ويدفنونه في الرمل ، وتفرقوا عنه كيلا يعرفوا ، وكان شعارهم ذلك اليوم : يا وفاء ، جعلوا ذلك علامة بينهم وبين المبيضة الذين عقدوا بينهم ما عقدوا من أهل الكوفة ليعرف كل رجل منهم صاحبه فينصره ، فما أتوهم ولا وافوهم ولا وفوا لهم به.
[إخبار أمير المؤمنين (ع) بقتل الفخي]
وروي عن سفيان بن عيينة أنه حدث يوما بحديث علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : يأتيكم صاحب الرعيلة (٧) ، قد شد حقبها بوضينها ، لم يقض تفثا من حج ولا عمرة ،
__________________
(١) في (أ) : أبو حماد التركي ، وهو تصحيف ، وانظر مقاتل الطالبيين ففيها : قال حماد التركي ص (٣٧٩) ، انظر : الوزراء والكتاب ص (١٣٤).
(٢) نهاية الصفحة [٢٨١ ـ أ].
(٣) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٩).
(٤) موضع يقع على نحو ميلين من المدينة ، وقيل : على عشرة أميال منها ، وعقيق المدينة من نخل وقبائل من العرب ، انظر : معجم البلدان (٤ / ١٣٨ ـ ١٤١) مناسك الحربي (٤٢٠) ، معجم ما استعجم (٣ / ٩٥٠ ، ٩٥٢) ، الروض المعطار (٤١٦ ـ ٤١٨).
(٥) في (أ) : إلى مكة.
(٦) هي القلنسوة.
(٧) الرعيل والرعلة : القطعة المتقدمة من الخيل.