قال محمد بن الحسن : فكنا وكل من كان في دار الرشيد يتعجب من أبي البحتري وهو حاكم وفتياه بما أفتى به ، وتقلده دم رجل من المسلمين ، ثم من حمله في خفه سكينا.
قال : ولم يقتل الرشيد يحيى في ذلك الوقت ، وإنما مات في الحبس بعد مدة.
قال محمد بن سماعة : وقرب الرشد محمد بن الحسن بعد ذلك وتقدم عنده وأحضره ليوليه قضاء القضاة ، قال : وأشخصه معه إلى الري واعتل ، وتوفي هو والكسائي ، فماتا في يوم واحد.
فكان الرشيد يقول : دفنت الفقه والنحو بالري (١).
وذكر أن محمد بن الحسن لما أفتى بصحة الأمان ، ثم أفتى أبو البحتري بنقضه وأطلق له دمه ، قال له يحيى : يا أمير المؤمنين يفتيك محمد بن الحسن ؛ وموضعه من الفقه موضعه بصحة أماني فيفتيك (٢) هذا بنقضه ، وما لهذا والفتيا إنما كان أبو هذا طبالا بالمدينة.
[استشهاده (ع)]
قال النوفلي : حدثني زيد بن موسى ، قال : سمعت مسرور الكبير يقول : إن لآل أبي طالب أنفسا عجيبة ، أرسلني الرشيد إلى عبد الملك بن صالح ، حين أمره بحبسه فجئته فقلت له : أجب ، فقال : يا أبا هاشم ، وما ذا ؛ وأظهر خوفا وجزعا شديدا؟
فقلت له : لا علم لي.
قال : فدعني أدخل أجدد (٣) طهوري.
__________________
(١) الخبر أورده السيوطي في بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة وقال : مات بالري هو ـ أي الكسائي ـ ومحمد بن الحسن في يوم واحد ، وكانا قد خرجا مع الرشيد فقال : دفنت الفقه والنحو في يوم واحد ، وذلك سنة اثنتين أو ثلاث ، وقيل : تسع وثمانين ومائة ، وقيل : اثنين وتسعين ، بغية الوعاة (٢ / ١٦٤).
(٢) في (ب ، ج ، د) : ويفتيك.
(٣) في (ب ، ج ، د) : آخذ.