قال : ولّاني ظهره وخلع (١) سواده ، والله لأهزمن جمعه ، ولأخلعن سواده يعني جماعته وعزه.
[٤٣] [أخبرنا أبو العباس الحسني قال : حدثنا أبو زيد العلوي عن أبي جعفر أحمد بن الحسين الكوفي] عن نصر بن مزاحم ، عن يزيد بن موسى الجعفي قال : كنت مع العلاء بن المبارك ، في الرابئين (٢) يوم القنطرة ، فنظر إلى الناس يمرون إلى الكناسة (٣) إلى العسكر والوقعة ، فقال لي : يا أبا خالد ، أترى الله ينصر (٤) هؤلاء جميعا ، أو يدفع بهم عن حريم (٥) ، فما افترقنا من مجلسنا حتى رأيت الناس يتباشرون بالفتح ، والرءوس على أطراف الرماح ، وصدور الخيل.
[وفاته ووصيته لأبي السرايا] (٦)
قال نصر بن مزاحم : رجع أبو السرايا والناس من الوقعة وقد طعن محمد عليهالسلام على خاصرته (٧) ، وهو يجود بنفسه ، فقعد عند رأسه ، ثم قال : يا ابن رسول الله ، إن كل حي ميت ، وكل جديد بال ، وهذا مقام فراق ، ومحل وداع ، فمرني بأمرك ، وأودعني وصيتك.
فقال عليهالسلام : أوصيك بتقوى الله ، فإنها أحرز جنة ، وأمنع عصمة ، والصبر فإنه أفضل مفزع وأحمد معول ، وأن تستتم الغضب لربك ، وتدوم على منع دينك ، وتحسن صحبة من استجاب لك ، وولي الناس الخيرة لأنفسهم في من يقوم مقامي فيهم من آل علي عليهالسلام فإن اختلفوا فالأمر إلى علي بن عبيد الله بن الحسين ، فإني قد بلوت دينه ورضيت طريقته ، فارضوا به ، واسكنوا إليه ، وأحسنوا طاعته تحمدوا رأيه وبأسه.
ثم اعتقل لسانه (٨) عليهالسلام وهدأت جوارحه فغمضه أبو السرايا وسجاه ، وكتم أمره ،
__________________
(١) في (أ) : وخلع لي سواده.
(٢) الرابئين : لعله نهر بين واسط ، وبغداد قرب النعمانية ، وأظنها نهر قوسان ، انظر معجم البلدان (٣ / ١٢٥).
(٣) بالضم ، والكنس : كسح ما على وجه الأرض من القمام ، والكناسة ملقي ذلك وهي بالكوفة ، انظر : معجم البلدان (٤ / ٤٨٠).
(٤) نهاية الصفحة [٣١٩ ـ أ].
(٥) في (أ) : ويدفع بهم عن حريم.
(٦) انظر مقاتل الطالبيين ص (٤٣٤). ومنه : الطبري (١٠ / ٢٢٧) ، ابن الأثير (٦ / ١١٢).
(٧) في (ب ، ج ، د) : في خاصرته.
(٨) في (أ) : ثم انعقل.