ج ـ وقال في حديث آخر بعد أن ذكر الآية الآنفة : «هذه لرسول الله خاصّة قرى عربية فدك وكذا وكذا».
وروى أبو داود عن الزهري أنّه قال :
صالح النبيّ أهل فدك وقرى وهو محاصر قوما آخرين فأرسلوا إليه بالصلح ، قال : «فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب» يقول ، بغير قتال ، قال : وكانت بنو النضير للنبيّ خالصا لم يفتحها عنوة «افتتحوها على صلح» ويثبت ممّا ذكرنا أنّ البحاثة ابن الأثير لم يصب في قوله بمادّة «صفا» من نهاية اللغة حين قال : الصفي ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة ويقال له الصفيّة والجمع الصفايا ، ومنه حديث عائشة : كانت صفيّة (رض) من الصفيّ ، يعني صفيّة بنت حييّ كانت ممّن اصطفاه النبيّ (ص) من غنيمة خيبر وقد تكرّر ذكره في الحديث. أي ذكر الصفيّ والصفايا.
وقال : «وفي حديث عليّ والعبّاس انّهما دخلا على عمر (رض) وهما يختصمان في الصوافي الّتي أفاء الله على رسوله (ص) من أموال بني النضير ، الصوافي : الأملاك والأراضي الّتي جلا عنها أهلها أو ماتوا ولا وارث لها واحدها صافية ، قال الأزهري : يقال للضياع الّتي يستخلصها السلطان لخاصّته : الصوافي».
وأخذ من الأزهري وابن الأثير من جاء بعدهما من اللغويّين مثل ابن منظور بمادّة «صفا» من لسان العرب.
وخلاصة قولهم : إنّ الصفيّ ويجمع على الصفايا يقال : لما يصطفيه الرئيس من غنائم الحرب غير المنقولة. والصافية وتجمع على الصوافي لما يستخلصها السلطان من أراض وضياع. وليست أدري كيف يصحّ ذلك وقد رأينا الخليفة عمر يسمي فدك وخيبر وقرى عربية اخرى بصفايا رسول الله.
ووجدنا أبا داود (١) المتوفّى سنة (٢٧٥ ه) يعقد بابا في سننه باسم «باب صفايا رسول الله» يذكر شأن تلك القرى الّتي وردت في حديث عمر وغير عمر.
__________________
(١) أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني صاحب كتاب السنن ، قال : كتبت عن رسول الله خمسمائة ألف حديث انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن ، جمعت فيه أربعة آلاف وثمانمائة حديث ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ، سكن البصرة وتوفي بها. وراجع تفسير الخبر في تفسير الآية في الدرّ المنثور.