ورأينا التقسيم المذكور قد استفيد من الأزهري (١) المتوفّى سنة (٣٧٠ ه) أي بعد ما يقارب قرنا من أبي داود ، ولعلّه أخذه من المتعارف في عصره وليس من قبله ، وخاصّة من القرامطة الذين عاشرهم دهرا وهو في اسرهم واستفاد من محاوراتهم كثيرا.
وخلاصة القول :
إنّ الصفايا ومفردها الصفيّ كانت تطلق حتّى عصر أبي داود على كلّ ما كان خالصا لرسول الله من أموال وضياع وعقار.
٥ ـ الأنفال :
الأنفال جمع النفل والنفل في اللغة : العطية والهبة ، والنفل بالسكون : الزيادة على الواجب ونفّله نفلا وتنفيلا ونفله وأنفله إيّاه أعطاه نفلا أي زيادة ، ومنه : نفله سلب القتيل ، ونوافل الصلاة (٢).
واستعمل لفظ الأنفال في الشرع الإسلامي لأوّل مرة بسورة الأنفال في قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ ...) الآية. وشأن هذه السورة أن المسلمين خاضوا أوّل معركة حربية تحت لواء قائدهم الأعظم رسول الله (ص) في غزوة بدر الكبرى في السنة الثانية من الهجرة ، ولمّا انتهت المعركة بفوزهم الساحق على قريش اختلفوا في ما ظفروا به من جهة العدى ورجعوا إلى رسول الله (ص) في ذلك فنزلت الآيات الكريمة من أوّل سورة الأنفال :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الآيات.
في سيرة ابن هشام والطبري وسنن أبي داود (٣) وغيرها واللفظ للأوّل : «انّ
__________________
(١) الأزهري أبو منصور محمد بن احمد بن الأزهر الهروي الشافعي اللغوي ، أسرته القرامطة فبقي معهم دهرا طويلا يسكن البادية ، فاستفاد من محاوراتهم ألفاظا جمة. من تصانيفه التهذيب ولعله استفاد ما ذكره في تعريف «الصوافي» من محاورات القرامطة في ما يخص الغزو والسلب والنهب. وعلى هذا فليس تعريفه هذا تعريف مصطلح شرعي ليفسر بموجبه ما ورد في الحديث الشريف.
(٢) راجع مادة (نفل) من معاجم اللغة خاصة لسان العرب.
(٣) سنن أبي داود ٣ / ٩ باب في النفل من كتاب الجهاد.