إن الرسول (ص) لمّا أمر وفد عبد القيس أن يعطوا الخمس من المغنم ، لم يطلب اخراج خمس غنائم الحرب من قوم لا يستطيعون الخروج من حيّهم في غير الاشهر الحرم خوفا من المشركين من مضر ، وإنّما قصد من المغنم معناه الحقيقي في لغة العرب وهو : الفوز بالشيء بلا مشقة ، كما سبق تفسيره ، أي : أن يعطوا خمس ما يربحون ، أو لا أقلّ من انّه قصد معناه الحقيقي في الشرع وهو : «ما ظفر به من جهة العدى وغيرهم».
وكذلك الأمر في ما ورد في كتب عهوده للوافدين إليه من القبائل العربية وفي ما كتب لرسله إليهم ، وولاته عليهم مثل ما ورد في فتوح البلاذري ، قال :
«لمّا بلغ أهل اليمن ظهور رسول الله وعلوّ حقّه ، أتته وفودهم ، فكتب لهم كتابا بإقرارهم على ما أسلموا عليه من أموالهم وأراضيهم وركازهم ، فأسلموا ، ووجّه إليهم رسله وعمّاله لتعريفهم شرائع الاسلام وسننه وقبض صدقاتهم وجزى رءوس من أقام على النصرانيّة واليهودية والمجوسيّة».
ثمّ ذكر هو وابن هشام والطبري وابن كثير واللفظ للبلاذري قال : كتب لعمرو ابن حزم حين بعثه إلى اليمن :
ب ـ «بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا بيان من الله ورسوله ، (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) عهد من محمّد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن. أمره بتقوى الله في أمره كلّه ، وأن يأخذ من المغانم خمس الله ، وما كتب على المؤمنين من الصدقة من العقار عشر ما سقى البعل وسقت السماء ، ونصف العشر ممّا سقى الغرب» (٢).
البعل : ما سقي بعروقه ، والغرب : الدلو العظيمة.
ج ـ ومثل ما كتب لسعد هذيم من قضاعة ، وإلى جذام كتابا واحدا يعلّمهم فرائض الصدقة ويأمرهم أن يدفعوا الصدقة والخمس إلى رسوليه أبيّ وعنبسة أو من
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ١.
(٢) فتوح البلدان ١ / ٨٢ باب «اليمن» ، وسيرة ابن هشام ٤ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، والطبري ١ / ١٧٢٧ ـ ١٧٢٩ ، وتاريخ ابن كثير ٥ / ٧٦ ، وكتاب الخراج لأبي يوسف ص ٨٥ واللفظ للأوّل. وهناك رواية أخرى أوردها الحاكم في المستدرك ١ / ٣٩٥ و ٣٩٦ ، وفي كنز العمال ٥ / ٥١٧.
وعمرو بن حزم أنصاري خزرجي شهد الخندق وما بعدها ، توفي سنة احدى او ثلاث او أربع وخمسين ه بالمدينة. اسد الغابة ٤ / ٩٩.