أضف الى هذا ما ذكرناه بتفسير الغنيمة في أوّل البحث من أنّ الغنيمة أصبحت حقيقة في غنائم الحرب في المجتمع الإسلامي بعد تدوين اللغة لا قبله. ولا يصحّ مع هذا ، حمل ما ورد في حديث الرسول على ما تعارف عليه الناس قرابة قرنين بعده ، وأمّا ما ورد في بعض تلك الكتب والعهود بلفظ «حظّ الله وحظّ الرسول» ، أو «حقّ النبي» ، أو «سهم النبيّ» وما شابهها ، فإن تفسيرها في الآية الكريمة (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ...) وفي السنّة النبوية الّتي تبين هذه الآية وتشرحها حيث تعيّنان سهم الله وسهم النبيّ في «المغنم» وهو الخمس وهو أيضا حقّهما وحظهما.
وبعد ما ثبت ممّا أوردناه في ما سبق أن النبيّ كان يأخذ الخمس من غنائم الحرب ومن غير غنائم الحرب ، ويطلب ممّن أسلم أن يؤدي الخمس من كلّ ما غنم عدا ما فرض فيه الصدقة ، بعد هذا نبحث في ما يلي عن مواضع الخمس.
مواضع الخمس في الكتاب والسنة :
في القرآن الكريم :
نصّت آية الخمس على أنّ الخمس لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
فمن هم (ذي القربى) في الآية؟ ومن هم من ذكروا بعده؟
أ ـ ذو القربى
إنّ شأن ذي القربى ، والقربى ، واولي القربى ، في الكلام شأن الوالدين فيه فكما أنّ «الوالدين» أين ما ورد في الكلام قصد منه والدا المذكورين قبله ظاهرا أو مضمرا أو مقدّرا ، كذلك القربى وأولوه وذووه فمثال المذكور منها ظاهرا قبله في القرآن الكريم قوله تعالى : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) التوبة / ١١٣.
فالمراد من «اولي قربى» هنا أولو القربى النبيّ والمؤمنين المذكورين ظاهرا قبل «أولي القربى».