ومثال المذكور مضمرا قوله تعالى : (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) الأنعام / ١٥٢ ، والمراد من ذي القربى هنا قربى مرجع الضمير في «قلتم» و «اعدلوا».
ومثال المذكور مقدّرا قوله تعالى : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى) النّساء ٨. والمراد قربى الميّت المقدّر ذكره في ما سبق من الآية ، وكذلك شأن سائر ما ورد فيه ذكر ذي القربى واولي القربى في القرآن الكريم.
وقد جمع الله في الذكر بين الوالدين وذي القربى في مكانين منهما ، قال سبحانه : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى) البقرة / ٨٣ ، (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى) النساء / ٣٦.
في الآية الأولى قصد والدا بني إسرائيل وذوو قرباهم والمذكورين ظاهرا قبلهما ، وفي الآية الثانية قصد والدا مرجع الضمير وذووه في «واعبدوا» و «ولا تشركوا» وهم المؤمنون من هذه الأمّة.
وإذا ثبت هذا فنقول : لمّا قال الله سبحانه في آية الخمس : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ...) فلا بدّ أن يكون المراد من «ذي القربى» هنا ذا قربى الرسول المذكور قبله بلا فاصلة بينهما ، وإن لم يكن هذا فذا قربى من قصد الله في هذا المكان!؟
وكذلك المقصود من ذي القربى في قوله تعالى : (ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ...) (١) هم قربى الرسول وهو الاسم الظاهر المذكور قبله.
وكذلك المقصود من القربى في قوله تعالى (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) (٢) هم قربى ضمير فاعل «أسألكم» وهو الرسول (٣).
__________________
(١) سورة الحشر / ٧.
(٢) سورة الشورى / ٢٣.
(٣) قد يرى العلماء من بعدنا في بحثنا هذا عن ذي القربى ونظائرها توضيحا للواضحات التي لا ينبغي صرف الوقت في شرحها ولا يعلمون ما وجدنا في عصرنا وفي أقوال نابتة عصرنا من انحراف بعيد عن فهم مصطلحات الاسلام وعقائده وأحكامه فالجأنا ذلك الى امثال هذا الشرح والبسط.