قال : والذي جعله للكعبة هو سهم الله (١).
تصرّح هاتان الروايتان أنّ الخمس كان يقسّم ستة أسهم وهذا هو الصواب لموافقته لنصّ آية الخمس. وما في رواية أبي العالية بأنّ الرسول كان يجعل سهم الله للكعبة ، لعلّه وقع ذلك مرّة واحدة ، وأرى الصواب في ذلك ما رواه عطاء بن أبي رباح قال : «خمس الله وخمس رسوله واحد وكان رسول الله يحمل منه ويعطي منه ويضعه حيث شاء ويصنع به ما شاء» (٢).
ومثلها ما رواه ابن جريج قال : «... أربعة أخماس لمن حضر البأس والخمس الباقي لله ولرسوله خمسه يضعه حيث شاء وخمس لذوي القربى ـ الحديث» (٣).
الصواب في رواية أبي العالية وابن جريج ما ورد فيهما أنّ أمر سهم الله وسهم رسوله من الخمس كان إلى رسول الله (ص) يحمل منهما ويعطي منهما ويضعهما حيث شاء ويصنع بهما ما شاء. أمّا ما يفهم من الروايتين أنّ «سهم الله وسهم الرسول واحد» فإنّه يخالف ظاهر آية الخمس حيث قسم الله فيها الخمس إلى ستة أسهم ، إلّا إذا قصدوا أنّ أمر السهمين واحد ولم يقصدوا أن السهمين سهم واحد.
وكذلك لا يستقيم ما رواه قتادة إذ قال : كان نبيّ الله إذا غنم غنيمة جعلت أخماسا فكان خمس لله ولرسوله ويقسّم المسلمون ما بقي وكان الخمس الذي جعل لله ولرسوله ، لرسوله ولذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل. فكان هذا الخمس خمسة أخماس ، خمس لله ولرسوله. الحديث (٤).
__________________
(١) الأموال لابي عبيد ص ٣٢٥ وص ١٤ وتفسير الطبري ج ١٠ / ٤ ، وأحكام القرآن للجصاص ج ٣ / ٦٠ ، وفي ص ٦١ منه بإيجاز ، واللفظ للأوّل.
وأبو العالية الرياحي هو رفيع بن مهران مات سنة تسعين أو بعدها ، أخرج حديثه أصحاب الصحاح. تهذيب التهذيب ١ / ٢٥٢.
(٢) الأموال لأبي عبيد ص ١٤.
وعطاء ابن أبي رباح واسم أبي رباح أسلم المكي مولى قريش ، أخرج حديثه أصحاب الصحاح. مات سنة ١١٤ ه ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٢.
(٣) تفسير الطبري ج ١٠ / ٥ بسندين.
وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي مولى بني أميّة ، أخرج حديثه أصحاب الصحاح. توفي سنة ١٥٠ ه أو بعدها. تهذيب التهذيب ١ / ٥٢٠.
(٤) تفسير الطبري ج ١٠ / ٤.