إنّ النبيّ مرّ بتمرة بالطريق فقال : «لو لا أن تكون من الصدقة لأكلتها» وأنّ الحسن بن علي أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه فقال رسول الله : كخ كخ إرم بها ، أما علمت أنا لا نأكل الصدقة.
وفي رواية «أنا لا تحلّ لنا الصدقة» (١).
وكان الرسول (ص) يأبى أن يستعمل بني هاشم على الصدقات ، فينتفعوا من سهم العاملين عليها كما رواه مسلم وأحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وأبو عبيد وغيرهم واللفظ للأوّل ، قال :
اجتمع ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب ، والعباس بن عبد المطّلب ، فقالا : والله لو بعثنا هذين الغلامين «لعبد المطّلب بن ربيعة (٢) والفضل بن عبّاس» إلى رسول الله (ص) فكلّماه فأمّرهما على هذه الصدقات ، فأدّيا ما يؤدّي الناس ، وأصابا ممّا يصيب الناس. قال: فبينا هما في ذلك جاء عليّ بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك فقال عليّ بن أبي طالب : لا تفعلا فو الله ما هو بفاعل ، فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال : والله ما تصنع هذا إلّا نفاسة منك علينا ، فو الله لقد نلت صهر رسول الله (ص) فما نفسناه عليك ، قال عليّ : أرسلوهما فانطلقا واضطجع عليّ.
وفي رواية : فألقى عليّ رداءه ثم اضطجع عليه وقال : أنا أبو الحسن القرم ، والله لا أريم مكاني حتّى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به.
قال عبد المطّلب : فلمّا صلّى رسول الله (ص) الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى جاء فأخذ بآذاننا ثمّ قال : «أخرجا ما تصرّران» ، ثمّ دخل ودخلنا عليه وهو يومئذ عند زينب بنت جحش ، قال : فتواكلنا الكلام ثمّ تكلّم أحدنا فقال : يا رسول الله! أنت أبرّ الناس وأوصل الناس وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمّرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدّي إليك كما يؤدّي الناس ، ونصيب كما يصيبوا ، قال : فسكت
__________________
(١) صحيح البخاري ١ / ١٨١ باب ما يذكر في الصدقة للنبي من كتاب الزكاة ، وصحيح مسلم ٣ / ١١٧ باب تحريم الزكاة على رسول الله وعلى آله ، وسنن أبي داود ١ / ٢١٢ باب الصدقة على بني هاشم من كتاب الزكاة ، وسنن الدارمي ١ / ٣٨٣ باب الصدقة لا تحل للنبي ولا لأهل بيته ، وراجع ص ٣٧٣ منه ، ومجمع الزوائد ٣ / ٨٩ ، ودعائم الاسلام ص ٢٤٦ ، والبحار ٩٦ / ٧٦ باب حرمة الزكاة على بني هاشم.
(٢) روى مسلم في هذا الباب من صحيحه روايتين في هذا الامر ورد في الاولى منهما خطأ اسم «نوفل بن الحارث» بدلا من «عبد المطلب بن ربيعة» والتصويب من الرواية الثانية.