منعهم إيّانا ما أحلّ الله لنا بمحلّ لنا ما حرّم الله علينا (١).
وفي الخصال عن الصادق عن أبيه (ع) قال : لا تحلّ الصدقة لبني هاشم إلّا في وجهين : ان كانوا عطاشي وأصابوا ماء شربوا ، وصدقة بعضهم على بعض (٢).
ومن هنا نعرف انّ ما كان يقبله أئمة أهل البيت ممّا يدفعه إليهم حكّام عصورهم من أموال بيت المال ، كان من باب بعض حقّهم في الفيء والأنفال ، وجزي رءوس أهل الذمّة ، وخمس غنائم الفتوح ، وليس من باب الصدقات الواجبة كما توهّمه البعض.
أمّا المياه المسبلة للشرب ، فجلّها من باب الأوقاف التي أوقفها أصحابها لانتفاع عامّة المسلمين. وشأنها في ذلك ، شأن المنازل المشيّدة في طرق المسلمين ومساجدهم ، فهي وإن كان أصحابها قد تقرّبوا إلى الله بإنفاقها في سبيله وبهذه المناسبة قد تسمّى بالصدقات ، غير أنّها ليست من باب الصدقات على الأفراد موضوع البحث كي لا يصحّ ـ لغير الفقير من غير بني هاشم ـ الانتفاع بها بل هي لانتفاع المسلمين كافة سواء فيها الفقير والغني والأمير والسوقة والهاشميّ وغيره ، فهي لهذا خارجة عن موضوع البحث.
* * *
إلى هنا ذكرنا ما وجدنا في مصادر الدراسات الإسلامية من أمر الخمس ، وأصحاب سهامه في عصر الرسول ، وحرمة الصدقة على بني هاشم ومواليهم وامتناعهم عنها في عصره ومن بعده. أمّا ما فعل الخلفاء في فريضة الخمس وكيفية اجتهادهم فيه وفي حقّ ابنة الرسول خاصّة فيلزمنا أيضا لفهمها درس ما خلّفه الرسول من ضياع وعقار ، ثمّ درس ما جرى عليها من قبل الخلفاء ، وشكوى فاطمة منهم في أمرها وفي أمر الخمس ، فإلى دراسة كلّ ذلك في ما يلي :
تركة الرسول وشكوى فاطمة من تصرفهم فيها وفي سهمها من الخمس
قال القاضيان الماوردي (ت : ٤٥٠ ه) وأبو يعلى (ت : ٤٥٨ ه) : صدقات رسول الله (ص) الّتي أخذها بحقّيه فإنّ أحد حقّيه الخمس من الفيء والغنائم ، والحقّ
__________________
(١) دعائم الإسلام ص ٢٤٦ ، والبحار ٩٦ / ٧٦.
(٢) الخصال ١ / ٣٢ ، والبحار ٩٦ / ٧٤.