انتهى ما قاله القضاة الثلاثة ، وفي ما يلي شرح بعض اقوالهم :
أ ـ قولهم : «صدقات رسول الله (ص)». اصطلح علماء مدرسة الخلفاء من محدّثين ومؤرّخين وفقهاء ولغويين إلى تسمية كلّ ما خلّفه الرسول (ص) من ضياع وعقار بالصدقات استنادا إلى ما رواه أبو بكر وحده عن رسول الله أنّه قال : «ما تركنا صدقة».
ب ـ ما ذكروا من املاك رسول الله. وفي ما يلي شرحها ومنشأ تملّكه اياها :
بيان ما تملكه الرسول ومنشؤه :
أ ـ وصية مخريق : كان مخيريق أيسر بني قينقاع ، وكان من أحبار اليهود وعلمائهم بالتوراة (١). وعند ما هاجر رسول الله الى المدينة ، ونزل قبا في أوّل الأمر ، أتى إليه مخيريق وأسلم (٢).
وفي يوم أحد خاطب قومه وقال : «يا معشر اليهود! والله إنّكم لتعلمون أنّ محمّدا نبيّ وأنّ نصره عليكم لحقّ».
قالوا : إنّ اليوم يوم السبت!
قال : لا سبت ، ثمّ أخذ سلاحه ثمّ حضر مع النبيّ (ص) فأصابه القتل ، فقال رسول الله : «مخيريق خير يهود» وقد كان مخيريق حين خرج إلى أحد قال : إن أصبت فأموالي لمحمّد (٣).
وكانت أمواله حوائط سبعة وهي : الأعواف والصافية والدلال والميثب وبرقة وحسنى ومشربة أمّ ابراهيم الّتي كانت تسكنها مارية جارية النبي (٤).
وتفصيل قصّة هذه الحوائط في وفاء الوفاء (٥) ، وكتابي الأحكام السلطانية
__________________
(١) طبقات ابن سعد ١ / ٥٠٢.
(٢) إمتاع الأسماع ص ٤٦.
(٣) مغازي الواقدي ص ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ، وإمتاع الأسماع ص ١٤٦ ، والإصابة ٣ / ٣٧٣.
(٤) طبقات ابن سعد ١ / ٥٠١ ـ ٥٠٣ ، ومادة «ميثب» من معجم البلدان.
والحوائط جمع الحائط : البستان المسيّج. والمشربة : الغرفة. وجارية النبي مارية القبطية أهداها المقوقس صاحب الإسكندرية إلى النبيّ فأسكنها في أحد الحوائط السبعة وولدت لرسول الله ابنه إبراهيم في ذي الحجّة سنة ثمان من الهجرة ، وتوفي بعد ستة أو ثمانية عشر شهرا ودفنه الرسول بالبقيع. أسد الغابة ١ / ٣٨. وتوفيت مارية سنة ست عشرة. أسد الغابة ٥ / ٥٤٣ ووفاء الوفاء ١١٢٨ و ١١٩٠.
(٥) وفاء الوفاء ص ٩٤٤ ـ ٩٨٨.