ب ـ رواية أمّ المؤمنين عائشة (رض):
في صحيح البخاري ومسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وطبقات ابن سعد واللفظ للأوّل : عن أمّ المؤمنين عائشة : انّ فاطمة أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من النبيّ (ص) في ما أفاء الله على رسوله (ص) تطلب صدقة النبيّ الّتي بالمدينة (١) ، وفدك وما بقي من خمس خيبر (٢).
فقال أبو بكر : إنّ رسول الله (ص) قال «لا نورث ما تركنا فهو صدقة ، إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال يعني مال الله ليس لهم أن يزيدوا على المأكل» وإنّي والله لا أغيّر شيئا من صدقات النّبيّ الّتي كانت عليها في عهد النبيّ (ص) ، ولأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله (ص) (٣).
في هذا الحديث سمّى أبو بكر تركة الرسول : «الصدقات» استنادا إلى الرواية الّتي رواها هو عن الرسول بأنّه قال : «ما تركنا فهو صدقة» ومنذ ذلك التاريخ وإلى يومنا هذا سمّيت تركة الرسول بالصدقات.
أمّا قوله : «لأعملنّ فيها بما عمل رسول الله فيها» وما هو قصده من العمل الّذي قال إنّه سيعمل فيها ، فإنّه يعرف من الحديث الآتي عن أمّ المؤمنين عائشة :
إنّ أوّل هذا الحديث كالحديث الماضي إلى قولها : «... فغضبت فاطمة بنت رسول الله (ص) ، فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتّى توفيت وعاشت بعد رسول الله (ص) ستّة أشهر ، قالت عائشة : فكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة (٤). فأبى أبو بكر عليها ذلك ، وقال : لست تاركا شيئا كان رسول الله يعمل به إلّا عملت به ، فإنّي أخشى إن تركت شيئا من أمره أن
__________________
(١) تقصد من صدقته بالمدينة الحوائط السبعة اللاتي وهبها مخيريق للنبيّ كما شرحناه سابقا.
(٢) تقصدها بقي من خمس خيبر : أن رسول الله أقطع شيئا من سهمه من الخمس إلى بعض صحابته فما بقي من خمس خيبر يعني ما عدا ما أقطع.
(٣) صحيح البخاري ٢ / ٢٠٠ باب مناقب قرابة رسول الله من كتاب المناقب ، سنن أبي داود ٢ / ٤٩ كتاب الخراج ، باب صفا يا رسول الله ، وسنن النسائي ٢ / ١٧٩ باب قسم الفيء ، ومسند أحمد ١ / ٦ و ٩ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ٣١٥ ، وج ٨ منه ص ٢٨ ، ومنتخب الكنز باب ما يتعلق بميراثه ، ج ٣ / ١٢٨.
(٤) صحيح البخاري ٢ / ١٢٤ باب فرض الخمس من كتاب الخمس ، وصحيح مسلم ، الحديث ٥٤ من كتاب الجهاد. وراجع تاريخ الإسلام للذهبي ج ١ / ٣٤٦ وتاريخ ابن كثير ٧ / ٢٨٥ باب «بيان أنّه عليهالسلام قال لا نورث» ، وسنن البيهقي ٦ / ٣٠٠ ، ومسند أحمد ١ / ٦ ، وطبقات ابن سعد ٨ / ١٨.