أزيغ.
فأمّا صدقته بالمدينة فدفعها عمر إلى علي وعبّاس ، وأمّا خيبر وفدك فأمسكهما عمر وقال : هما صدقة رسول الله (ص) كانتا لحقوقه الّتي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولى الأمر ، قال : فهما على ذلك إلى اليوم (١).
في حديث عائشة الثاني هذا : يصرّح الخليفة بأن ضياع رسول الله كانت لحقوقه الّتي تعروه ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر من بعده ، إذن فهو الّذي ينفق منها لحقوقه الّتي تعروه ونوائبه وهذا هو معنى قول الخليفة في الحديث الأول : لأعملنّ فيها بما عمل فيها رسول الله أي لأنفقنّ منها لحقوقي الّتي تعروني ونوائبي.
وإلى هذا ـ أيضا ـ يشير في حديث عائشة الثالث الآتي في صحيح البخاري ومسلم عن عائشة : أنّ فاطمة (س) بنت النبيّ (ص) أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله ممّا أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر (٢) فقال أبو بكر : إنّ رسول الله قال : «لا نورث ما تركنا صدقة ، إنّما يأكل آل محمّد (ص) في هذا المال» ، وانّي لا اغيّر شيئا من صدقة رسول الله (ص) عن حالها الّتي كان عليها في عهد رسول الله (ص) ، ولأعملنّ فيها بما عمل به رسول الله (ص) فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلّمه حتّى توفيّت وعاشت بعد النبيّ ستة اشهر فلمّا توفيت دفنها زوجها عليّ ليلا ، ولم يؤذن بها أبا بكر وصلّى عليها ، وكان لعليّ من الناس وجه حياة فاطمة فلمّا توفّيت استنكر على وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر ... الحديث (٣).
* * *
اقتصرت أمّ المؤمنين عائشة في ذكرها مورد نزاع فاطمة مع أبي بكر في أحاديثها المطوّلة بذكر مطالبتها إيّاهم إرث أبيها الرسول بينما كانت خصومتها معهم في ثلاثة أمور :
أ ـ مطالبتها إياهم بمنحة الرسول ، ب ـ مخاصمتها إياهم في إرث الرسول ، ج ـ مخاصمتها إياهم في سهم ذي القربى. وفي ما يلي بيان ذلك :
__________________
(١) و (٢) راجع الهامش ٤ من الصفحة السابقة.
(٣) صحيح مسلم ، كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي لا نورث ، الحديث ٥٢ ص ١٣٨٠ ، والبخاري ٣ / ٣٨ باب غزوة خيبر ، وسنن البيهقي ٦ / ٣٠٠ ، ومشكل الآثار ١ / ٤٧.