روى الزركشي وغيره وقالوا :
«لما جمع أبو بكر القرآن قال : سمّوه ، فقال بعضهم : سمّوه إنجيلا ، فكرهوه
وقال بعضهم سمّوه (السفر) فكرهوه من يهود ، فقال ابن مسعود : رأيت للحبشة كتابا يدعونه (المصحف) فسمّوه به (١).
إذن فإنّ تسمية القرآن ب (المصحف) من نوع تسمية المسلمين ومصطلح المسلمين ، وليس اصطلاحا إسلاميّا ، وحقيقة شرعيّة.
وشأن المصحف في هذه التسمية شأن (الشاري) عند الخوارج ، فإنّه عندهم اسم لكلّ من هيّأ نفسه لقتال المسلمين. ويستعمل عند غير الخوارج ويراد به (المشتري) الّذي يقابل البائع في البيع والشراء ، فإذا وجدنا لفظ (الشاري) في كلام غير الخوارج نفهم أنّه أريد به (المشتري) ، وليس المقصود به من هيّأ نفسه لقتال المسلمين ، وعلى العكس عند الخوارج. وشأنه أيضا شأن (المبسوط) عند السوريين والعراقيين فهو في استعمال العراقيين بمعنى : المضروب ، وعند السوريين بمعنى : المسرور. فإذا وردت في كلام السوريين عرفنا أنّه أريد بها : المسرور ، وإذا وردت في كلام العراقيين عرفنا أنّه أريد بها : المضروب.
وبناء على ذلك فالمصحف في تسمية مدرسة الخلفاء بمعنى القرآن الكريم إذا ورد في كلامهم ، وإذا ورد في كلام مدرسة أهل البيت وقالوا : مصحف فاطمة ، كما قالوا الصحيفة السجاديّة لكتاب أدعية الإمام السجّاد المشهور والمطبوع ، وفي كلا المقامين أريد بهما : كتاب فاطمة وكتاب السجّاد.
__________________
(١) ن. م ، ج ١ / ٢٨٢.
والإتقان للسيوطي (ت : ٩١١ ه) ، القاهرة ١٣٦٨ ه ، ص ٦٣.