نرى أنّ تحديد عمر زمن مجيء فاطمة إلى أبي بكر ، لا يستقيم مع مجرى الحوادث بعد السقيفة ، وإنّما الصواب ما قاله ابن أبي الحديد :
«حديث فدك وحضور فاطمة عند أبي بكر كان بعد عشرة أيّام من وفاة رسول الله»(١).
ومهما كان من أمر زمان ذلك ، فإنّ أبا بكر منعها إرثها من الرسول بما روى هو عن الرسول «إنّا لا نورث ما تركنا صدقة» كما صرّحت بذلك أمّ المؤمنين حيث قالت : واختلفوا في ميراثه فما وجدوا عند أحد من ذلك علما ، فقال أبو بكر : سمعت رسول الله (ص) يقول : «إنّا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا صدقة» (٢).
وكذلك قال ابن أبي الحديد في شرح النهج «المشهور أنه لم يرو حديث انتفاء الإرث إلّا أبو بكر وحده» (٣).
وقال : «إنّ اكثر الروايات أنّه لم يرو هذا الخبر إلّا أبو بكر وحده ، ذكر ذلك أعظم المحدّثين حتّى أنّ الفقهاء في أصول الفقه أطبقوا على ذلك في احتجاجهم في الخبر برواية الصحابي الواحد ، وقال شيخنا أبو عليّ : لا يقبل في الرواية إلّا رواية اثنين كالشهادة ، فخالفه المتكلمون والفقهاء كلهم ، واحتجوا بقبول الصحابة رواية أبي بكر وحده : نحن معاشر الأنبياء لا نورث (٤).
وفي تعداد السيوطى لروايات أبي بكر قال : «التاسع والعشرون حديث لا نورث ، ما تركناه صدقة» (٥).
قال المؤلّف : مع كلّ هذا وضعوا أحاديث أسندوا فيها إلى غير أبي بكر أنّه روى ذلك عن الرسول (٦).
ج ـ مخاصمتها إياهم في سهم ذي القربى
لمّا منعوا ابنة الرسول من إرث ابيها بحديث أبي بكر ، طالبتهم بسهم ذي القربى كما روى أبو بكر الجوهريّ ذلك في ثلاث روايات :
__________________
(١) شرح النهج ٤ / ٩٧.
(٢) كنز العمال ج ١٤ / ١٣٠ ، الفضائل (الأقعال) فضل الصديق.
(٣) شرح النهج ٤ / ٨٢.
(٤) شرح النهج ٤ / ٨٥.
(٥) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص ٨٩.
(٦) راجع شرح النهج ٤ / ٨٥.